للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صام من في السفينة معنا إلا واحدًا ماجنا أبى أن يصوم؛ وكنا ننهاه عن انتهاك حرمة رمضان ونخوفه من العقوبة، فيسخر منا ويستهزئ بنا، فلما كان يوم عيد الفطر صدنا سمكًا كثيرًا، وجعلنا نشوي منه ونأكل، فنشب في حلق ذلك الماجن عظم فمات، فذهبنا به إلى الساحل لندفنه هناك، فلما وضعناه في اللحد ذهبنا نطلب أحجارًا لننصبها على اللحد، فوجدنا حجرًا كبيرًا، فلما قلبناه خرج من تحته ثعبان عظيم، فأردنا قتله فأعجزنا هربا، وسعى بين أيدينا قاصدًا نحو القبر حتى دخل مع الميت في لحده، فاجتهدنا أن نقتله أو نخرجه من عنده فلم نستطع، فسوينا عليه التراب والثعبان معه، قال: وما زلت وجلاً خائفا مما رأيت من عقوبة ذلك الماجن.

قلت: وفي هذه القصة عبرة لمن اعتبر، فليحذر المخالفون لأوامر الله، والمرتكبون لنواهيه، من حلول النقمات والمثلات بهم، ولا يغتروا بحلم الله عنهم، وإمهاله لهم، فقد قال تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَاتِيَهُمْ بَاسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَاتِيَهُمْ بَاسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَامَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٧ - ٩٩]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٤٤ - ٤٥]، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.