للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما عمَّ البلاء به من المنكرات التي فشت في المسلمين، وابتُلى ببعضها كثير من المنتسبين إلى العلم والدين فضلا عن غيرهم من جهال المسلمين.

ولما كان العمل بالمعاصي من أعظم الإفساد في الأرض؛ لما يترتب على ذلك من نزع البركات، ووقوع الفتن والهلكات، كما قال كثير من المفسرين في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: ٥٦]: إن إفسادها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله، وكان أيضا شؤم المعاصي لا يختص بالمسيئين، بل يعُمّ من باشر الذنب ومن لم يباشره، إذا ظهر ذلك ولم يُغيَّر، كان من أهم الأمور عندي بيان ما وقع فيه الأكثرون من المخالفات والتحذير من شؤمها وسوء عاقبتها، وحث المؤمنين عامة وولاة الأمور وأهل العلم خاصة على تغيير ما ظهر منها قبل أن يصيبهم الله بعذاب يعم الصالح والطالح، فقد قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥]، قال ابن عباس : أمر الله ﷿ المؤمنين أن لا يُقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بعذاب يصيب الظالم وغير الظالم.

وفي المسند وصحيح مسلم والسنن الأربع عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»،

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله قال: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن،