أحدهما: أنها محمولة على أهل الكتاب، ومن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل، إذا بذلوا الجزية.
قال البغوي: قال قتادة وعطاء: نزلت في أهل الكتاب إذا قبلوا الجزية، وذلك أن العرب كانت أمة أمية لم يكن لهم كتاب فلم يقبل منهم إلا الإسلام، فلما أسلموا طوعًا وكرهًا أنزل الله تعالى ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يسلموا أو يقروا بالجزية، فمن أعطى منهم الجزية لم يكره على الإسلام. انتهى.
والقول الثاني: أنها منسوخة بآية السيف.
قال البغوي رحمه الله تعالى: وهو قول ابن مسعود ﵁.
وأما آية النساء وهي قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ إلى قوله: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٠] ففيها قولان أيضًا:
أحدهما: أن المسلمين إذا عقدوا بينهم وبين قوم من الكفار مهادنة، أو عقدوا لقوم من أهل الكتاب ذمة، فإن حكم من يلجأ إليهم من غيرهم كحكمهم.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وهذا قول السدي، وابن زيد، وابن جرير.
والقول الثاني أنها منسوخة؛ قال ابن كثير: روي عن ابن عباس ﵄ أنه قال: نسخها قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] الآية.
وأما آية الأنفال وهي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾