* وقيلَ: إنَّ قولَهُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ أي: يتكلفونَ الصيامَ ويشقُّ عليهم مشقةً لا تُحتملُ، كالكبيرِ والمريضِ الميئوسِ من بُرئهِ، ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ عن كلِّ يومٍ يفطرهُ.
* وقولهُ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي: الصومُ المفروضُ عليكم هوَ شهرُ رمضانَ، الشهرُ العظيمُ الذي قدْ حصلَ لكم من اللهِ فيه الفضلُ العظيمُ، وهوَ إنزالُ القرآنِ الذي فيه هدايتُكم لجميعِ مصالحِكم الدينيةِ والدنيويةِ، وفيهِ بيانُ الحقِّ وتوضيحهُ، والفرقانُ بينَ الحقِّ والباطلِ، والهدَى والضلالِ، وأهلِ السعادةِ من أهلِ الشقاوةِ.
فحقيقٌ بشهرٍ هذا فضلُهُ، وهذا إحسانُ اللهِ العظيمِ فيه عليكم؛ أنْ يكونَ معظمًا محترمًا، موسمًا للعبادِ، مفروضًا فيه الصيامُ.
* فلما قررَ فرضيتَهُ، وبيَّنَ حكمتَهُ في ذلكَ، وفي تخصيصهِ؛ قالَ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ أي: مَنْ حضرَ الشهرَ وهوَ قادرٌ تحتَّمَ عليهِ صيامهُ.
* ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ أعادَ ذلكَ تأكيدًا لهُ، ولئلَّا يُظنَّ أنهُ أيضًا منسوخٌ معَ ما نُسِخَ من التخييرِ للقادرِ.
* ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ أي: يريدُ اللهُ أنْ ييسرَ ويسهلَ عليكم الطرقَ الموصلةَ إلى رضوانهِ أعظمَ تيسيرٍ؛ ليسهلَ سلوكُها، ويعينَ عليها بكلِّ وسيلةٍ؛ ليرغبَ فيها العبادُ.
وهذا أصلٌ عظيمٌ من أصولِ الشريعةِ، بلْ الشريعةُ كلُّها تدورُ على هذا الأصلِ: فإنَّ جميعَ الأوامرِ لا تشقُّ على المكلفينَ، وإذا حصلَ بعضُ المشاقِّ والعجزِ خففَ