أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: ٨]، وهذا ظاهرٌ في حكمةِ الجهادِ، وعظمِ مصلحتهِ، وأنهُ من الضرورياتِ في الدينِ؛ فإنَّ المقصودَ بهِ إقامةُ دينِ اللهِ، والدعوةُ إلى عبادتهِ التي خلقَ اللهُ المكلفينَ لها، وأوجبَها عليهم، ودفْعُ كلِّ مَنْ قاومَ [هذا] (١) الأمرَ الضروريَّ، ومقاومةُ الظالمينَ المعتدينَ على دينِ اللهِ وعلى المؤمنينَ من عبادهِ، كما قالَ تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩].
* ولهذا قال: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ [الحج: ٤٠] فلولا مدافعةُ اللهِ الناسَ بعضَهم ببعضٍ بأسبابٍ متعددةٍ، وطرقٍ متنوعةٍ قدريةٍ وشرعيةٍ، وأعظمُها وأجلُّها وأزكاها الجهادُ في سبيلهِ - لاستولَى الكفارُ الظالمونَ، ومحقُوا أديانَ الرسلِ، فقَتَلُوا المؤمنينَ بهم، وهدمُوا معابدَهم، ولكنَّ ألطافَ اللهِ عظيمةٌ، وأياديَهُ جسيمةٌ.
وبهذا وشبههِ يُعرفُ حكمةُ الجهادِ الدينيِّ، وأنهُ من الضرورياتِ، لا كقتالِ الظلمةِ المبنيِّ على العداواتِ والجشعِ والظلمِ والاستعبادِ للخلقِ، بلْ الجهادُ الإسلاميُّ مرماهُ وغرضهُ الوحيدُ إقامةُ العدلِ، وحصولُ الرحمةِ، واستعبادُ الخلقِ لخالقِهم، وأداءُ الحقوقِ كلِّها، ونصرُ المظلومينَ، وقمعُ الظالمينَ، ونشرُ الصلاحِ والإصلاحِ المطلقِ بكلِّ وجهٍ واعتبارٍ، وهوَ من أعظمِ محاسنِ دينِ الإسلامِ.
(١) زيادة من (خ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute