للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمرابِي يأخذهُ الأمنُ والغرورُ الحاضرُ، ولا يدرِي ما خبِّئَ لهُ في مستقبلِ أمرهِ، وأنَّ اللهَ سيجمعُ لهُ بينَ عقوباتِ الدنيا والآخرةِ، إلا إنْ تابَ وأنابَ، فإذا تابَ فلهُ ما سلفَ.

وأما العقودُ الحاضرةُ فالزيادةُ لا تحلُّ (١)، وعليهِ أنْ ينزلَ على رأسِ مالهِ، كما قالَ تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩]: بأخذِ الزيادةِ، ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩] بأخذِ بعضِ رؤوسِ أموالِكم.

• ومن أنواعِ الرِّبا: القرضُ الذي يجرُّ نفعًا؛ فإنَّ القرضَ من الإحسانِ والمرافقِ بينَ العبادِ، فإذا دخلَتْهُ المعاوضةُ، وشَرَطَ المقرضُ على المقترضِ ردَّ خيرٍ منهُ بالصفةِ أو المقدارِ، أو شَرَطَ نفعًا أو محاباةً في معاوضةٍ أخرى؛ فهوَ من الرِّبا؛ لأنهُ في الحقيقةِ دراهمُ بدراهمَ مؤخرةٍ، والربحُ ذلكَ النفعُ المشروطُ.

فاللهُ تعالى وَعَظَ المؤمنينَ عن تعاطِي الرِّبا كلِّهِ، والمعاملةِ بهِ، وأنْ يكتفُوا بالمكاسبِ الطيبةِ التي فيها البركةُ وصلاحُ الدينِ والدنيا، وفيها تزكُو الأخلاقُ، ويحصلُ الاعتبارُ، وحسنُ المعاملةِ، والصدقُ، والعدلُ، وأداءُ الحقوقِ، والسلامةُ من جميعِ التبعاتِ.

* ومن المحاذيرِ في المعاملاتِ: محذورُ الميسرِ والغَرَرِ؛ فإنَّ اللهَ حَرَّمَ في كتابهِ الميسرَ، وقرنَهُ بالخمرِ، وذكرَ مضارَّ ذلكَ ومفاسدَهُ، والميسرُ يدخلُ في المعاملاتِ كما يدخلُ في المغالباتِ، فكما أنَّ المراهناتِ والمقامراتِ وتوابعَها مِنْ الميسرِ، فالبيوعُ التي فيها غررٌ ومخاطراتٌ وجهالاتٌ داخلةٌ في الميسرِ؛ ولهذا قالَ كلمةً جامعةً: «نَهَى عن بيعِ الغَرَرِ» (٢)، فيدخلُ في ذلكَ:


(١) بعدها في (خ): له.
(٢) مسلم (١٥١٣). وبيع الغرر: «ما كان له ظاهر يغر وباطن مجهول». (غريب الحديث لابن الجوزي: ٢/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>