للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا سبيلَ إلى الهدايةِ والصلاحِ والإصلاحِ لجميعِ الأمورِ إلا بسلوكِ الطرقِ التي أرشدَ إليها القرآنُ، وحثَّ العبادَ عليها.

فمتى عرَفتَ أنَّ القرآنَ العظيمَ موصوفٌ كلُّهُ بهذهِ الأوصافِ التي هيَ أعلى الأوصافِ وأكملُها وأتمُّها وأنفعُها للعبادِ، وأنهُ أُعيدَتْ فيه هذهِ المعاني الجليلةُ، ومُزجَتْ فيه مزجًا عجيبًا غريبًا في كمالهِ وحسنهِ؛ فهمتَ أنَّ طالبَ العلمِ إذا وقفَ على تفسيرِ بعضِ الآياتِ تدرَّبَ بها وتوسَّلَ بها إلى معرفةِ بقيةِ الآياتِ.

لهذه الأسبابِ وغيرِها رأَيْنا أنَّ المصلحةَ تدعُو إلى الاقتصارِ على خلاصةِ ذلك التفسيرِ، راجينَ مِنْ الربِّ أنْ يتمَّ نعمتَهُ، وأنْ يحصلَ به المقصودُ.

ورأَيْنا أنَّ الأحسنَ أنْ نذكرَ كلَّ موضوعٍ على حدتهِ؛ لما فيه من التقريبِ والسهولةِ وجمعِ المعاني التي من فنٍّ واحدٍ في موضعٍ واحدٍ، معَ أنهُ -كما تقدَّمَ- لابدَّ أنْ يدخلَ في آياتِ الأصولِ كثيرٌ من الفروعِ، وفي آياتِ الفروعِ كثيرٌ من الأصولِ، ويدخلَ فيها من الترغيبِ والترهيبِ والقصصِ شيءٌ كثيرٌ؛ وهذا المزجُ العجيبُ من كمالِ القرآنِ وعظمِ تأثيرهِ؛ فإنهُ كتابُ تعليمٍ يزيلُ الجهالاتِ المتنوعةَ، وكتابُ تربيةٍ يقوِّمُ الأخلاقَ والأعمالَ، فهوَ يعلِّمُ ويقوِّمُ ويهذِّبُ ويؤدِّبُ بأعلى ما يكونُ من الطرقِ التي لا يمكنُ الحكماءُ والعقلاءُ أنْ يقترحُوا مثلَها، ولا ما يقاربُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>