للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ووصفَهُ بأنهُ كلَّهُ محكمٌ، وكلَّهُ متشابِهٌ في الحسنِ، وبعضَهُ متشابهٌ من وجهٍ، محكمٌ من وجهٍ آخرَ.

* فأمَّا وصفُهُ في عدةِ آياتٍ أنهُ كلَّهُ محكمٌ: فلبلاغتهِ وبيانهِ التامِّ، واشتمالهِ على غايةِ الحكمةِ في تنزيلِ الأمورِ منازلَها، ووضعِها مواضعَها، وأنهُ متفقٌ غيرُ مختلفٍ، ليسَ فيه اختلافٌ ولا تناقضٌ بوجهٍ من الوجوهِ.

* وأمَّا حُسْنُهُ فلِمَا فيه من البيانِ التامِّ لجميعِ الحقائقِ، ولأنهُ بيَّنَ أحسنَ المعاني النافعةِ في العقائدِ والأخلاقِ والآدابِ والأعمالِ، فهيَ في غايةِ الحسنِ لفظًا ومعنًى، وآثارُها أحسنُ الآثارِ. وكلُّ هذهِ المعاني المثناةِ في القرآنِ يشهدُ بعضُها لبعضٍ في الحسنِ والكمالِ، ويصدِّقُ بعضُها بعضًا.

* وأمَّا وصفُهُ بأنَّ: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧]: فالمتشابهاتُ: هيَ التي يقعُ الإشكالُ في دلالتِها لسببٍ من الأسبابِ اللفظيةِ والعباراتِ المركبةِ، فأَمَرَ اللهُ بردِّها إلى المحكماتِ الواضحةِ بينةِ المعاني، التي هيَ نصٌّ في المرادِ؛ فإذا رُدَّتِ المتشابهاتُ إلى المحكماتِ صارَتْ كلُّها محكماتٍ، وزالَ الشكُّ والإشكالُ، وحصلَ البيانُ للهدَى من الضلالِ.

* ووصَفَهُ بأنهُ كلَّهُ صلاحٌ، ويهدِي إلى الإصلاحِ، وإلى أقومِ الأمورِ وأرشدِها وأنفعِها في كلِّ شيءٍ من دونِ استثناءٍ. وهذا الوصفُ المحيطُ لا يخرجُ عنهُ شيءٌ: فهوَ إصلاحٌ للعقائدِ والقلوبِ، وللأخلاقِ والأعمالِ، ويهدي إلى كلِّ صلاحٍ دينيٍّ ودنيويٍّ، بحيثُ تقومُ بهِ الأمورُ، وتعتدلُ بهِ الأحوالُ، ويحصلُ بهِ الكمالُ المتنوعُ من كلِّ وجهٍ، بالإرشادِ إلى كلِّ وسيلةٍ نافعةٍ تؤدِّي إلى المقاصدِ والغاياتِ المطلوبةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>