للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقولهُ: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ أي: ينبغِي لكم -يا معشرَ الأزواجِ- أنْ تمسكُوا زوجاتِكم ولوْ كرهتموهنَّ؛ فإنَّ في ذلكَ خيرًا كثيرًا:

* منها: امتثالُ أمرِ اللهِ ورسولهِ الذي فيه سعادةُ الدنيا والآخرةِ.

* ومنها: أنَّ إجبارَهُ نفسَهُ، ومجاهدتَهُ إياها، معَ عدمِ محبةِ زوجتهِ؛ تمرينٌ على التخلقِ بالأخلاقِ الجميلةِ.

* وربما زالتِ الكراهةُ، وخلفَتْها المحبةُ.

* وربما زالتِ الأسبابُ التي كرهَها لأجلِها.

* وربما رُزِقَ منها ولدًا صالحًا نفعَ اللهِ بهِ والدَيْهِ في الدنيا والآخرةِ.

ولابدَّ لهذهِ الكراهةِ من أسبابٍ من الزوجةِ.

فينبغِي إذا كرِهَ منها خُلقًا لَحِظَ بقيةَ أخلاقِها، وما فيها من المقاصدِ الأخرِ، ويجعلُ هذا في مقابلةِ هذا، وهذا عنوانُ الإنصافِ والرأيِ الأصيلِ؛ فإنَّ النَّزِقَ الطائشَ الذي ليسَ عندهُ إنصافٌ يلاحظُ بعضَ أغراضهِ النفسيةِ، فإذا لم يأتِ على ما يريدُ أهدرَ المحاسنَ والمناقبَ الأخرَ، وهذا لا يكادُ يصفُو لهُ خِلٌّ في حياتهِ؛ لا زوجةٌ، ولا صاحبٌ، ولا حبيبٌ؛ بلْ هوَ سريعُ التقلبِ.

أمَّا الرجلُ الحازمُ الوفيُّ الذكيُّ فإنهُ يوازِنُ بينَ الأمورِ، ويقدِّمُ الحقَّ السابقَ، ويفِي بالسوابقِ، ويكون نظرُهُ للمحاسنِ أرجحَ من نظرهِ للمساوئِ.

فإنْ وصَلَ إلى الدرجةِ العاليةِ التي لا يصلُ إليها إلا أفرادٌ من كُمَّلِ الرجالِ؛ جعَلَ المحاسنَ نصبَ عينيهِ، وأغضَى عن المساوئِ بالكليةِ، وعفا عنها للهِ ولحقِّ صاحبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>