للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقِّ، فهذا قدْ كسبَ الأجرَ والراحةَ والخلقَ الذي لا يُلحَقُ، وذلكَ فضلُ اللهِ يؤتيهِ من يشاءُ.

* وهذا الصبرُ المأمورُ بهِ إنما هوَ معَ الإمكانِ، فإنْ كان لابدَّ من الفراقِ، ولم يبقَ للصبرِ والإمساكِ موضعٌ؛ فاللهُ قدْ أباحَ الفراقَ؛ فلهذا قالَ: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] أي: فلا حرجَ عليكم، ولكن إذا آتيتُم ﴿إِحْدَاهُنَّ﴾ أي: الزوجةَ السابقةَ أو اللاحقةَ، ﴿قِنْطَارًا﴾ وهو المالُ الكثيرُ، ﴿فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ بلْ وفِّروهُ لهنَّ، ولا تمطلوهنَّ.

وهذا يدلُّ على جوازِ إعطاءِ النساءِ من المهورِ وغيرِها المالَ الكثيرَ، وأنها بذلكَ تملكُهُ، ولكنَّ الأكملَ والأفضلَ التساهلُ في المهورِ؛ اقتداءً بالنبيِ ، وتسهيلًا للنكاحِ ولطرقهِ، وبراءةً للذممِ.

* ثم ذكَرَ الحكمةَ في تحريمِ أخذِ الزوجِ ما أعطاه لزوجتهِ، فقال: ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١)[النساء: ٢٠ - ٢١].

وبيان ذلكَ: أنَّ الأنثَى قبلَ عقدِ النكاحِ محرمةٌ على الزوجِ، وهيَ لم ترضَ بهذا الحلِّ إلا بالعقدِ والميثاقِ الغليظِ الذي عُقِدَ على ذلكَ العِوضِ المشروطِ، فإذا دخَلَ عليها وباشرَها، وأفضَى إليها وأفضَتْ إليهِ، وباشرَها المباشرةَ التي كانتْ قبلَ هذهِ الأمورِ حرامًا؛ فقدْ استوفَى المعوَّضَ؛ فثبتَ عليهِ العِوضُ تامًّا، فكيفَ يستوفِي المعوَّضَ ثم يرجعُ على العِوضِ؟! لا ريبَ أنَّ هذا من المنكراتِ القبيحةِ شرعًا وعقلًا وفطرةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>