للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا حُذِفَ المتعلقُ في قولهِ: ﴿وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ ليدلَّ على هذا التعميمِ.

فعُلِمَ من ذلكَ أنَّ الرجلَ كالوالي والسيدِ على امرأتهِ، وهيَ عندَهُ أسيرةٌ عانيةٌ تحتَ أمرهِ وطاعتهِ؛ فليتقِ اللهَ في أمرِها، وليقوِّمْها تقويمًا ينفعهُ في دينهِ ودنياهُ، وفي بيتهِ وعائلتهِ؛ يجِد ثمراتِ ذلكَ عاجلًا وآجلًا، وإلَّا يفعل فلا يلومنَّ إلا نفسَهُ.

* وهنَّ قسمانِ:

* قسمٌ هنَّ أعلى طبقاتِ النساءِ، وخيرُ ما حازَهُ الرجالُ، وهنَّ المذكوراتُ في قولهِ: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ [النساء: ٣٤] أي: مطيعاتٌ للهِ ولأزواجهنَّ، قدْ أدَّتِ الحقَّينِ، وفازَتْ بكفلَينِ من الثوابِ، حافظاتٌ أنفسهنَّ من جميعِ الريبِ، وحافظاتٌ لأمانتهنَّ ورعايةِ بيوتهنَّ، وحافظاتٌ للعائلةِ بالتربيةِ الحسنةِ، والأدبِ النافعِ في الدينِ والدنيا.

وعليهنَّ بذلُ الجهدِ والاستعانةُ باللهِ على ذلكَ؛ فلهذا قالَ: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ أي: إذا وفقْنَ لهذا الأمرِ الجليلِ فليحمدْنَ اللهَ على ذلكَ، ويعلمْنَ أنَّ هذا من حفظهِ وتوفيقهِ وتيسيرهِ لها؛ فإنَّ مَنْ وُكِّلَ إلى نفسهِ فالنفسُ أمارةٌ بالسوءِ، ومَن شاهَدَ منةَ اللهِ، وتوكَّلَ على اللهِ، وبذلَ مقدورَهُ في الأعمالِ النافعةِ؛ كفاهُ اللهُ ما أهمَّهُ، وأصلحَ لهُ أمورَهُ، ويسَّرَ لهُ الخيرَ، وأجراهُ على عوائدهِ الجميلةِ.

* والقسمُ الثاني: هنَّ الطبقةُ النازلةُ من النساءِ، وهنَّ بضدِّ السابقاتِ في كلِّ خصلةٍ، اللَّاتي من سوءِ أخلاقهنَّ وقبحِ تربيتهنَّ تترفَّعُ على زوجِها، وتعصيهِ في الأمورِ الواجبةِ والمستحبةِ، فأَمَرَ اللهُ بتقويمهنَّ بالأسهلِ فالأسهلِ، فقالَ: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] أي: بيِّنُوا لهنَّ حكمَ اللهِ ورسولهِ في وجوبِ طاعةِ الأزواجِ، ورغبوهنَّ في ذلكَ بما يترتبُ عليهِ من الثوابِ، وخوفوهنَّ معصيةَ الأزواجِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>