للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلَمْ أنَّ من القواعدِ المتفقِ عليها بينَ سلفِ الأمةِ وأئمتِها ما دلَّ عليهِ الكتابُ والسنةُ من الإيمانِ بأسماءِ اللهِ كلِّها، وصفاتهِ جميعِها، وبأحكامِ تلكَ الصفاتِ، فيؤمنونَ -مثلًا- بأنهُ رحمنٌ رحيمٌ: ذو الرحمةِ العظيمةِ التي اتصفَ بها، المتعلقةِ بالمرحومِ، فالنعمُ كلُّها من آثارِ رحمتهِ.

وهكذا يُقالُ في سائرِ الأسماءِ الحسنى، فيقالُ:

* عليمٌ: ذو علمٍ عظيمٍ، يعلَمُ بهِ كلَّ شيءٍ.

* قديرٌ: ذو قدرةٍ، يقدرُ على كلِّ شيءٍ.

فإنَ اللهَ قدْ أثبتَ لنفسهِ الأسماءَ الحسنى والصفاتِ العليا، وأحكامَ تلكَ الصفاتِ، فمَن أثبتَ شيئًا منها ونفى الآخرَ كانَ -معَ مخالفتهِ للنقلِ والعقلِ- متناقضًا مُبطلًا.

* ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾: الحمدُ: هوَ الثناءُ على اللهِ بصفاتِ الكمالِ، وبأفعالهِ الدائرةِ بينَ الفضلِ والعدلِ، المشتملةِ على الحكمةِ التامةِ. ولابدَّ في تمامِ حمدِ الحامدِ من اقترانِ محبةِ الحامدِ لربهِ وخضوعهِ لهُ؛ فالثناءُ المجردُ من محبةٍ وخضوعٍ ليسَ حمدًا كاملًا.

* ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾: الربُّ: هوَ المربِّي جميعَ العالمينَ بكلِّ أنواعِ التربيةِ:

* فهوَ الذي خلقَهم ورزقَهم وأنعمَ عليهم بالنعمِ الظاهرةِ والباطنةِ، وهذهِ التربيةُ العامةُ لجميعِ الخلقِ: بَرِّهم وفاجرِهم، بل المكلَّفونَ منهم وغيرُهم.

* وأمَّا التربيةُ الخاصةُ لأنبيائهِ وأوليائهِ فإنهُ -معَ ذلكَ- يربِّي إيمانَهم؛ فيكمِّلُهُ لهم، ويدفعُ عنهم الصوارفَ والعوائقَ التي تحولُ بينَهم وبينَ صلاحِهم وسعادتِهم الأبديةِ، وتيسيرهم لليسرَى، وحفظهم من جميعِ المكارهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>