للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما دلَّ ذلكَ على انفرادِ الربِّ بالخلقِ والتدبيرِ والهدايةِ وكمالِ الغنى فإنهُ يدلُّ على تمامِ فقرِ العالمينَ إليهِ بكلِّ وجهٍ واعتبارٍ، فيسألُهُ مَنْ في السمواتِ والأرضِ بلسانِ المقالِ والحالِ جميعَ حاجاتِهم، ويفزعونَ إليهِ في مهماتِهم.

* ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾: (المالك): هوَ مَنْ اتصفَ بالصفاتِ العظيمةِ الكاملةِ التي يتحققُ بها المُلْكُ، التي مِنْ آثارِها أنهُ يأمرُ وينهَى، ويثيبُ ويعاقبُ، ويتصرفُ في العالمِ العلويِّ والسفليِّ التصرفَ التامَّ المطلقَ بالأحكامِ القدريةِ، والأحكامِ الشرعيةِ، وأحكامِ الجزاءِ؛ فلهذا أضافَ ملكَهُ ل (يوم الدين) معَ أنهُ المالكُ المطلقُ في الدنيا والآخرةِ؛ فإنهُ يوم القيامةِ الذي يدينُ اللهُ فيه العبادَ بأعمالِهم خيرِها وشرِّها، ويرتبُ عليها جزاءَها، وتشاهدُ الخليقةُ من آثارِ ملكهِ وعظمتهِ وسعتهِ، وخضوعِ الخلائقِ كلِّهم لعظمتهِ وكبريائهِ، واستواءِ الخلقِ في ذلكَ اليومِ على اختلافِ طبقاتِهم، في نفوذِ أحكامِهِ عليهم (١)؛ ما يعرفونَ بهِ كمالَ ملكهِ، وعظمةَ سلطانهِ.

* ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾: أي: نخصُّكُ -يا ربَّنا- وحدَكَ بالعبادةِ والاستعانةِ، فلا نعبدُ غيرَكَ، ولا نستعينُ بسواكَ:

* فالعبادةُ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبهُ اللهُ ويرضاهُ من الأعمالِ والأقوالِ، الظاهرةِ والباطنةِ، فهيَ القيامُ بعقائدِ الإيمانِ وأخلاقهِ وأعمالهِ؛ محبةً للهِ، وخضوعًا لهُ.

* والاستعانةُ: هيَ الاعتمادُ على اللهِ في جلبِ المنافعِ ودفعِ المضارِّ، معَ الثقةِ بهِ في حصولِ ذلكَ.


(١) قوله: «في نفوذ أحكامه عليهم»: ليست في (خ).

<<  <  ج: ص:  >  >>