* ذكَرَ اللهُ أحكامَ الفراقِ كما ذكرَ أحكامَ النكاحِ والدخولِ فيه: تقدَّمُ أنهُ تعالى حثَّ الزوجَ على الصبرِ على زوجتهِ ما دامَ متمكنًا من الصبرِ، وفي هذا ذكَرَ اللهُ أنهُ إذا كان لابدَّ لهُ من الطلاقِ فعليهِ أنْ يطلقَ زوجتَهُ لعدتِها، أي: لتستقبِلَ عدَّتَها، وذلكَ أنْ يطلقَها مرةً واحدةً في طهرٍ لم يجامِعْها فيه، أو يطلقَها وهيَ حاملٌ قدْ تبيَّنَ حملُها، أو وهيَ آيسةٌ أو صغيرةٌ؛ لأنها في هذهِ الأحوالِ كلِّها تبتدئُ بالعدةِ البينةِ الواضحةِ.
فمَن طلَّقَها أكثرَ من واحدةٍ، أو وهيَ حائضٌ أو نفساءُ، أو في طهرٍ قدْ وَطِئَ فيه، ولم يتبيَّنْ حملُها؛ فإنهُ آثمٌ متعدٍّ لحدودِ اللهِ.
* وإذا طلَّقَها هذا الطلاقَ المشروعَ فلهُ أنْ يراجعَها ما دامَتْ في العدةِ، كما قالَ تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وسواءٌ رضيَتْ أو كرهَتْ.
* وهذا الطلاقُ الذي يتمكنُ فيه العبدُ من الرجعةِ هوَ الطلاقُ بواحدةٍ إلى ثنتينِ بلا عِوضٍ.
فإنْ طلَّقَها الطلقةَ الثالثةَ فلا تحلُّ لهُ حتى تنقضيَ عدتُها، وتنكحَ زوجًا غيرَهُ نكاحَ رغبةٍ، لا نكاحَ تحليلٍ، ويطأَها ويطلقَها رغبةً في طلاقِها، وتنقضيَ عدتُها منهُ؛ فلهُ أنْ ينكحَها برضاها، وببقيةِ شروطِ النكاحِ مِنْ الوليِّ ومن الصداقِ وغيرهِ.