* ومن أحكامهِ الكليةِ: أنهُ إذا تزاحمَتِ المصالحُ قُدِّمَ الأعلى منها، وإنْ تزاحمتِ المفاسدُ، وكان لابدَّ مِنْ فعلِ إحداها؛ ارتكِبَ الأخفُّ منها لدفعِ الأشدِّ مفسدةً. وعلى هذا من مسائلِ الفقهِ ما لا يُعدُّ ولا يُحصَى؛ لأنَّ الشارعَ شرَعَ الشريعةَ لتحصيلِ المصالحِ أو تكميلِها، ولتقليلِ المفاسدِ وتعطيلِها بحسبِ الإمكانِ.
* ومنها: أنَّ إطلاقَ التشريكِ في الوصايا والهباتِ والإقراراتِ، وإيقاعَ العقودِ والفسوخِ على الأعيانِ وغيرِ ذلكَ، كل ذلكَ يقتضِي المساواةَ بينَ مَنْ شُرِّكَ بينَهم في شيءٍ مِنْ ذلكَ، إلا إنْ دلَّ دليلٌ على المفاضلةِ بينَهم، وكذلكَ في الأشياءِ المشتبهةِ التي يُعلمُ أنها لهؤلاءِ الأشخاصِ، ولا يُعلمُ مقدارُ ما لكلٍّ، فإنهم يتساوونَ فيها.
وأدلةُ هذهِ الأصولِ من الكتابِ والسنةِ ظاهرةٌ، وهيَ أصولٌ جامعةٌ عظيمةُ النفعِ، ينتفعُ بها الحاكمُ والمفتي وطالبُ العلمِ، وهيَ من محاسنِ الشريعةِ، ومن أكبرِ البراهينِ على أنَّ ما جاءَ بهِ الرسولُ حقٌّ من عندِ اللهِ، محكمُ الأصولِ، متناسبُ الفروعِ، عدلٌ في معانيهِ، تابعٌ للحكمِ والصلاحِ في مبانيهِ.
فلنقتصِرْ على هذهِ القواعدِ؛ إذْ غيرُها تبعٌ لها، وهيَ تُغنِي عن غيرِها، ولا يُغنِي عنها سواها. واللهُ أعلمُ.