للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبَ يتصيَّدُ، وأنَّ عيشَهم عيشُ الشدةِ (١)، فقالَ لها: إذا جاءَ زوَجُكِ فأَقْرِئيهِ منِّي السلامَ، وقولي لهُ يغيرُ عتبةَ بابهِ، ورجعَ من فورهِ لحكمةٍ أرادَها اللهُ.

فلما جاءَ إسماعيلُ كأنهُ آنسَ شيئًا، فسألَ امرأتَهُ، فأخبرَتْهُ أنهُ جاءَهم شيخٌ بهذا الوصفِ، وأنهُ سألَ عنكَ فأخبرتُهُ، وسألَنا عن عيشِنا فأخبرتُهُ أننا في شدةٍ، وأنهُ يقرأُ عليكَ السلامَ، ويقولُ لكَ: غيِّرْ عتبةَ بابِكَ، فقالَ: ذاكَ أبي، وأنتَ العتبةُ، الْحَقِي بأهلِكَ.

ثم تزوَّجَ إسماعيلُ غيرَها، ثم جاءَ إبراهيمُ مرةً أخرى، وإسماعيلُ أيضًا في الصيدِ، فدخَلَ على امرأتهِ فسألَها عن إسماعيلَ فأخبرَتْهُ، وسألَها عن عيشِهم فأخبرَتْهُ أنهم في نعمةٍ وخيرٍ، وكانتْ امرأةً طيبةً شاكرةً للهِ وشاكرةً لزوجِها، ثم قالَ لها: إذا جاءَ زوجُكِ فاقْرَئِي عليهِ السلامَ، وقولي لهُ يُثبتُ عتبةَ بابهِ، ثم رجعَ أيضًا من فورهِ قبلَ مواجهةِ إسماعيلَ؛ لحكمةٍ أرادَها اللهُ تعالى.

فلما رجَعَ إسماعيلُ من صيدهِ قالَ: هلْ جاءَكم من أحدٍ؟ فقالَتْ: جاءنا شيخٌ بهذا الوصفِ، فقالَ: هلْ قالَ لكم من شيءٍ؟ فقالتْ: سألَنا عنكَ فأخبرتُهُ، وسألنا عن عيشِنا فأخبرتُهُ أنَّا في نعمةٍ، وأثنيتُ على اللهِ، فقالَ: فما قالَ؟ قالتْ: هوَ يقرأُ عليكَ السلامَ، ويأمرُكَ أنْ تُثبتَ عتبةَ بابِكَ، فقالَ: ذاكَ أبي، وأنتَ العتبةُ، أمرَني أنْ أمسكَكِ.

ثم عادَ إبراهيمُ المرةَ الثالثةَ فوجَدَ إسماعيلُ يبرِي نبلًا عندَ زمزمَ، فلما رآهُ قامَ إليهِ فصنعَا كما يصنعُ الوالدُ الشفيقُ والولدُ الشفيقُ، فقالَ: يا إسماعيلُ، إنَّ اللهَ أمرَني أنْ أبنيَ ههنا بيتًا يكونُ معبدًا للخلقِ إلى يومِ القيامةِ، قالَ: سأعينُكَ على ذلكَ، فجعلَا يرفعانِ


(١) بعدها في (خ): والشقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>