للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنها: أنَّ الرحمةَ والإحسانَ على الخلقِ، مَنْ عرفَهُ العبدُ ومَن لا يعرفُهُ؛ من أخلاقِ الأنبياءِ، وأنَّ من جملةِ الإحسانِ الإعانةَ على سقيِ الماشيةِ، وخصوصًا إعانةَ العاجزِ، كما فعلَ موسى معَ ابنتَي صاحبِ مدينَ حينَ سقَى لهما لما رآهما عاجزتَينِ عن سقيِ ماشيتِهما قبلَ صدورِ الرعاةِ.

* ومنها: أنَّ اللهَ كما يحبُّ من الداعي أنْ يتوسَّلَ إليهِ بأسمائهِ وصفاتهِ، ونعمهِ العامةِ والخاصةِ؛ فإنهُ يحبُّ منهُ أنْ يتوسَّلَ إليهِ بضعفهِ وعجزهِ وفقرهِ، وعدمِ قدرتهِ على تحصيلِ مصالحهِ، ودفعِ الأضرارِ عن نفسهِ، كما قالَ موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤]؛ لما في ذلكَ من إظهارِ التضرعِ والمسكنةِ، والافتقارِ للهِ الذي هوَ حقيقةُ كلِّ عبدٍ.

* ومنها: أنَّ الحياءَ والمكافأةَ على الإحسانِ لم يزَلْ دأبَ الأممِ الصالحينَ.

* ومنها: أنَّ العبدَ إذا عَمِلَ العملَ للهِ خالصًا، ثم حصَلَ بهِ مكافأةٌ عليهِ بغيرِ قصدهِ فإنهُ لا يُلامُ على ذلكَ، ولا يخلُّ بإخلاصهِ وأجرهِ، كما قَبِلَ موسى مكافأةَ صاحبِ مدينَ عن معروفهِ الذي لم يطلبْهُ، ولم يستشرِفْ لهُ على معاوضةٍ.

* ومنها: جوازُ الإجارةِ على كلِّ عملٍ معلومٍ، في نفع معلومٍ، أو زمنٍ مسمًّى، وأنَّ مردَّ ذلكَ إلى العرفِ، وأنهُ تجوزُ الإجارةُ وتكونُ المنفعةُ البُضْعَ، كما قالَ صاحبُ مدينَ: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾ [القصص: ٢٧] الآية، وأنهُ يجوزُ للإنسانِ أنْ يخطبَ الرجلَ لابنتهِ ونحوِها ممن هوَ وليٌّ عليها، ولا نقصَ في ذلكَ، بلْ قدْ يكونُ نفعًا وكمالًا، كما فعَلَ صاحبُ مدينَ معَ موسى.

* ومنها: قولهُ: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦] هذانِ الوصفانِ بهما تمامُ الأعمالِ كلِّها، فكلُّ عملٍ من الولاياتِ أو من الخدماتِ أو من

<<  <  ج: ص:  >  >>