• ومن انفلاقِ البحرِ لما ضربَهُ موسى بعصاهُ، فصارَ اثنَيْ عشرَ طريقًا، وسلكَهُ هؤلاءِ فنَجَوا، وقومُ فرعونَ فهلكُوا.
وغيرُ ذلكَ من الآياتِ المتتابعاتِ، التي هيَ براهينُ وآياتٌ لمن رآها وشاهدَها، وبراهينُ لمن سمعَها، فإنها نقلَتْها [أعظمُ](١) مصادرِ اليقينِ الكتبُ السماويةُ، ونقلَتْها القرونُ كلُّها، ولم ينكِرْ مثلَ هذهِ الآياتِ إلا جاهلٌ مكابرٌ زنديقٌ، وجميعُ آياتِ الأنبياءِ بهذهِ المثابةِ.
* ومنها: أنَّ آياتِ الأنبياءِ، وكراماتِ الأولياءِ، وما يخرقهُ اللهُ من الآياتِ، ومن تغييرِ الأسبابِ، أو منعِ سببيتِها، أو احتياجِها إلى أسبابٍ أخرَ، أو وجودِ موانعَ
تعوقُها - هيَ من البراهينِ العظيمةِ على وحدانيةِ اللهِ، وأنهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنَّ أقدارَ اللهِ لا يخرجُ عنها حادثٌ جليلٌ ولا حقيرٌ، وأنَّ هذهِ المعجزاتِ والكراماتِ والتغييراتِ لا تُنافِي ما جعَلَ اللهُ في هذهِ المخلوقاتِ من الأسبابِ المحسوسةِ، والنظاماتِ المعهودةِ، وإنكَ لا تجدُ لسنةِ اللهِ تبديلًا ولا تحويلًا؛ فإن سننَ اللهِ في جميعِ الحوادثِ السابقةِ واللاحقةِ قسمانِ:
• أحدُهما: وهوَ جمهورُ الحوادثِ والكائناتِ والأحكامِ الشرعيةِ والقدريةِ وأحكامِ الجزاءِ: لا تتغيرُ ولا تتبدلُ عما يعهدهُ الناسُ ويعرفونَ أسبابَهُ، وهذا القسمُ أيضا مندرجٌ في قدرةِ اللهِ وقضائهِ.
ويُستفادُ من هذا: العلمُ بكمالِ حكمةِ اللهِ في خلقهِ وشرعهِ، وأنَّ الأسبابَ والمسبباتِ من سلَكَ طرقَها على وجهٍ كاملٍ أفضَتْ بهِ إلى نتائجِها وثمراتِها، ومن لم