للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذهِ المنافعِ المعينةِ، والمجملةِ في قولهِ: ﴿مَآرِبُ أُخْرَى﴾، وأنهُ يستفادُ منها أيضًا: الرحمةُ بالبهائمِ، والإحسانُ إليها، والسعيُ في إزالةِ ضررِها.

* ومنها: أنَّ قولَهُ جلَّ ذكرُهُ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] أي: أنَّ ذكرَ العبدِ لربهِ هوَ الذي خُلِقَ لهُ العبدُ، وبهِ صلاحهُ وفلاحهُ، وأنَّ المقصودَ من إقامةِ الصلاةِ إقامةُ هذا المقصودِ الأعظمِ، ولولا الصلاةُ التي تتكررُ على المؤمنينَ في اليومِ والليلةِ لتذكرَهم باللهِ، ويتعاهدونَ فيها قراءةَ القرآنِ، والثناءَ على اللهِ، ودعاءَه والخضوعَ لهُ الذي هوَ روحُ الذكرِ؛ لولا هذهِ النعمةُ لكانوا من الغافلينَ.

وكما أنَّ الذكرَ هوَ الذي خُلِقَ الخلقُ لأجلهِ، والعباداتُ كلُّها ذكرٌ للهِ؛ فكذلكَ الذكرُ يُعينُ العبدَ على القيامِ بالطاعاتِ وإنْ شقَّتْ، ويهوِّنُ عليهِ الوقوفَ بينَ يدي الجبابرةِ، ويخففُ عليهِ الدعوةَ إلى اللهِ، قالَ تعالى في هذهِ القصةِ: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤)[طه: ٣٣ - ٣٤]، وقالَ: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾ [طه: ٤٢].

* ومنها: إحسانُ موسى على أخيهِ هارونَ؛ إذْ طلَبَ من ربهِ أنْ يكونَ نبيًّا معهُ، وطلَبَ المعاونةَ على الخيرِ والمساعدةَ عليهِ، إذْ قالَ: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢)[طه: ٢٩ - ٣٢] الآيات.

* ومنها: أنَّ الفصاحةَ والبيانَ مما يُعينُ على التعليمِ، وعلى إقامةِ الدعوةِ؛ لهذا طلَبَ موسى من ربهِ أنْ يحلَّ عقدةً من لسانهِ ليفقهوا قولَهُ، وأنَّ اللثغةَ لا عيبَ فيها إذا حصلَ الفهمُ للكلامِ، ومن كمالِ أدبِ موسى معَ ربهِ أنهُ لم يسأَلْ زوالَ اللثغةِ كلِّها، بلْ سألَ إزالةَ ما يحصلُ بهِ المقصودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>