للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنها: استحبابُ إطعامِ الإنسانِ خادمَه من مأكلهِ، وأكلِهما جميعًا؛ لأنَّ ظاهرَ قولهِ: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ [الكهف: ٦٢] أنهُ للجميعِ.

* ومنها: أنَّ المعونةَ تنزلُ على العبدِ بحسبِ قيامهِ بالأمرِ الشرعيِّ، وأنَّ ما وافقَ رضا اللهِ يُعانُ عليهِ ما لا يعانُ على غيرهِ؛ لقولهِ: ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ [الكهف: ٦٢]، والإشارةُ: إلى السفرِ المجاوزِ لمجمعِ البحرينِ، وأما الأولُ فلم يشتكِ منهُ معَ طولهِ.

* ومنها: أنَّ ذلكَ العبدَ الذي لقياهُ ليسَ نبيًّا، بلْ هوَ عبدٌ صالحٌ عالمٌ ملهمٌ؛ لأنَّ اللهَ ذكرَهُ بالعلمِ والعبوديةِ الخاصةِ والأوصافِ الجميلةِ، ولم يذكُرْ معها أنهُ نبيٌّ أو رسولٌ، وأما قولهُ في آخرِ القصةِ: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكهف: ٨٢] فإنهُ لا يدلُّ على أنهُ نبيٌّ، وإنما يدلُّ على الإلهامِ والتحديثِ، وذلكَ يكونُ لغيرِ الأنبياءِ، قالَ تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل: ٦٨]، ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى﴾ [القصص: ٧] الآية.

* ومنها: أنَّ العلمَ الذي يعلِّمُهُ اللهُ للعبدِ نوعانِ:

• علمٌ مكتسبٌ، يدركهُ العبدُ بطلبهِ وجدِّهِ.

• وعلمٌ إلهيٌّ لدنيٌّ، يهبهُ اللهُ لمنْ يمنُّ عليهِ من عبادهِ؛ لقولهِ: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: ٦٥]، فالخضرُ أُعطِيَ من هذا النوعِ الحظَّ الأوفرَ.

* ومنها: التأدبُ معَ المُعلمِ، والتلطفُ في خطابهِ؛ لقولِ موسى: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦]، فأخرَجَ الكلامَ بصورةِ الملاطفةِ والمشاورةِ، وأنكَ هلْ تأذنُ لي أم لا؟ وإظهارِ حاجتهِ إلى المعلمِ، وأنهُ يتعلَّمُ منهُ، ومشتاقٌ إلى ما عندَهُ، بخلافِ حالِ أهلِ الكِبْرِ والجفاءِ الذينَ لا يظهرونَ حاجتَهم إلى عِلْمِ المعلِّمِ، فلا أنفعَ للمتعلمِ من إظهارِ الحاجةِ إلى عِلْمِ المعلِّمِ، وشكرهِ على تعليمهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>