* ومنها: تواضعُ الفاضلِ للتعلمِ ممن هوَ دونَهُ؛ فإنَّ موسى -بلا ريبٍ- أفضلُ من الخضرِ.
* ومنها: تعلمُ العالمِ الفاضلِ للعلمِ الذي لم يتمهَّرْ فيه ممن مَهَرَ فيه، وإنْ كان دونَهُ في العلمِ درجاتٍ؛ فإنَّ موسى من أكابرِ أولي العزمِ من الرسلِ، الذينَ منحَهم اللهُ وأعطاهم من العلومِ ما لم يُعطِ سواهم، ولكنْ في هذا العلمِ الخاصِّ كان عندَ الخضرِ ما ليسَ عندَهُ؛ فلهذا اشتدَّ حرصهُ على التعلمِ منهُ.
* ومنها: أنَّ العلمَ النافعَ هوَ العلمُ المرشِدُ إلى الخيرِ، وكلُّ علمٍ فيه رشدٌ وهدايةٌ لطريقِ الخيرِ، وتحذيرٌ عن طريقِ الشرِّ، أو وسيلةٌ إلى ذلكَ؛ فإنهُ من العلمِ النافعِ، وما سوى ذلكَ فإمَّا أنْ يكونَ ضارًّا، أو ليسَ فيه فائدةٌ؛ لقولهِ: ﴿أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦].
* ومنها: أنَّ مَنْ ليسَ لهُ صبرٌ على صحبةِ العالمِ، ولا قوةٌ على الثباتِ على طريقةِ التعلمِ؛ فإنهُ قاصرٌ، ليسَ بأهلٍ لتلقِّي العلمِ؛ فمن لا صبرَ لهُ لا يدرِكُ العلمَ، ومن استعملَ الصبرَ ولازمَهُ أدرَكَ بهِ كلَّ أمرٍ سعَى إليهِ، فإنَّ الخضرَ اعتذرَ عن موسى أنهُ
لا يصبرُ على علمهِ الخاصِّ.
* ومنها: أنَّ مما يُعينُ على الصبرِ على الأشياءِ إحاطةَ العبدِ بها علمًا، وبمنافعِها وثمراتِها ونتائجِها، فمَن لا يدرِي هذهِ الأمورَ يصعبُ عليهِ الصبرُ؛ لقولهِ: ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٦٨].