* ومنها: فيه تنبيهٌ على القاعدةِ المشهورةِ الكبيرةِ: وهوَ أنهُ يُدفعُ الشرُّ الكبيرُ بارتكابِ الشرِّ الخفيفِ، ويراعَى أكبرُ المصلحتينِ بتفويتِ أدناهما؛ فإنَّ قتلَ الغلامِ الصغيرِ شرٌّ، ولكنَّ بقاءَهُ حتى يبلغَ ويفتنَ أبويهِ عن دينِهما أعظمُ شرًّا. وبقاءُ الغلامِ من دونِ قتلٍ وإنْ كان في ظاهرِ الحالِ أنهُ خيرٌ، فالخيرُ ببقاءِ أبويهِ على دينِهما خيرٌ من ذلكَ؛ فلذلكَ قتلَهُ الخضرُ بعدما ألهمَهُ اللهُ الحقيقةَ، فكان إلهامهُ الباطنيُّ (١) بمنزلةِ البيناتِ الظاهرةِ في حقِّ غيرهِ.
* ومنها: القاعدةُ الكبيرةُ الأخرى، وهيَ: أنَّ عملَ الإنسانِ في مالِ غيرهِ، إذا كان على وجهِ المصلحةِ ودفعِ المضرةِ يجوزُ بلا إذنٍ، حتى ولوْ ترتَّبَ عليهِ إتلافُ بعضِ المالِ، كما خرَقَ الخضرُ السفينةَ لتعيبَ؛ فتسلمُ من غصبِ الملكِ الظالمِ.
وتحتَ هاتينِ القاعدتينِ من الفوائدِ ما لا حصرَ لهُ.
* ومنها: أنَّ العملَ يجوزُ في البحرِ كما يجوزُ في البرِّ؛ لقولهِ: ﴿يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ [الكهف: ٧٩].
* ومنها: أنَّ القتلَ من أكبرِ الذنوبِ.
* ومنها: أنَّ العبدَ الصالحَ يحفظهُ اللهُ في نفسهِ، وفي ذريتهِ، وما يتعلقُ بهِ؛ لقولهِ: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: ٨٢]، وأن خدمةَ الصالحينَ وعَمَلَ مصالحِهم أفضلُ من غيرِهم؛ لأنه علَّلَ أفعالَهُ بالجدارِ بقولهِ: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: ٨٢].