فكان هذا الكلامُ منهُ في هذهِ الحالِ من آياتِ اللهِ، وأدلةِ رسالتهِ، وأنهُ عبدُ اللهِ،
لا كما يزعمهُ النصارى، وحصلَ لأمهِ البراءةُ العظيمةُ مما يُظنُّ بها من السوءِ، لأنها لوْ أتَتْ بألفِ شاهدٍ على البراءةِ وهيَ على هذهِ الحالِ؛ ما صدقها الناسُ، ولكنَّ هذا الكلامَ من عيسى وهوَ في المهدِ جلَّى كلَّ ريبٍ يقعُ في القلوبِ.
فانقسمَ الناسُ فيه بعدَ هذا ثلاثةَ أقسامٍ:
• قسم آمنُوا بهِ وصدَّقُوهُ في كلامهِ هذا، وفي الانقيادِ لهُ بعدَ النبوةِ، وهم المؤمنونَ حقيقةً.
• وقسم غلَوا فيه وهم النصارى، فقالوا فيه المقالاتِ المعروفةَ، ونزَّلُوهُ منزلةَ الربِّ، تعالَى اللهُ عن قولِهم علوًّا كبيرًا!
• وقسم كفرُوا بهِ وجفَوهُ، وهم اليهودُ، ورمَوا أمَّهُ بما برَّأَها اللهُ منهُ.