للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنها: ما عليهِ يوسفُ من الجمالِ الباهرِ ظاهرًا وباطنًا:

• فإنَّ جمالَهُ الظاهرَ أوجبَ لامرأةِ العزيزِ ما أوجبَ من الحبِّ المفرطِ والمراودةِ المستمرةِ، ولما لامَها النساءُ دعتهنَّ ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١].

• وأما جمالهُ الباطنُ فهوَ العفةُ العظيمةُ منهُ معَ وجودِ الدواعِي الكثيرةِ لوقوعِ السوءِ منهُ، ولكنَّ الإيمانَ ونورَهُ والإخلاصَ وقوتَهُ لا يشذُّ عنهما فضيلةٌ، ولا تجامعُهما رذيلةٌ.

وقدْ بيَّنَتِ امرأةُ العزيزِ للنساءِ من يوسفَ الأمرَينِ؛ فإنها لما أرتهنَّ جمالَهُ الظاهرَ الذي اعترفْنَ أنَّ هذا الجمالَ لا يوجدُ في الآدميينَ؛ قالتْ: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣٢]، وقالَتْ بعدَ ذلكَ: ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف: ٥١].

* ومنها: أنَّ يوسفَ اختارَ السجنَ على المعصيةِ، فهكذا إذا ابتُلِيَ العبدُ بأحدِ أمرَينِ: إما أنْ يلجأَ إلى فعلِ المعصيةِ، وإما أنْ يُعاقبَ عقوبةً دنيويةً؛ فعليهِ أنْ يختارَ العقوبةَ الدنيويةَ التي فيها الثوابُ من هذا الوجهِ بعدةِ أمورٍ:

• ثواب من جهةِ اختيارهِ الإيمانَ على السلامةِ من العقوبةِ الدنيويةِ.

• وثواب من جهةِ أنَّ هذا من بابِ التخليصِ للمؤمنِ والتصفيةِ، وهوَ يدخلُ في الجهادِ في سبيلِ اللهِ.

• وثواب من جهةِ المصيبةِ التي نالتْهُ، والألمُ الذي أصابَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>