للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا من إفكِهم يقولونَ في القرآنِ الأقوالَ المتناقضةَ، يقولونَ: إنهُ سحرٌ، إنهُ كهانةٌ، إنهُ شعرٌ، إنهُ كذبٌ، إنهُ أساطيرُ؛ فجعلُوا القرآنَ عضينَ (١). كلُّ هذا أَثَرُ البغضِ الذي أحرقَ قلوبَهم، حتى قالوا فيه مقالةَ المجانينِ.

وكلَّما قالُوا قولًا من هذهِ الأقوالِ أنزلَ اللهُ آياتٍ يُبطلُ بها ما قالُوا، ويبينُ زورَهم وافتراءَهم وتناقضَهم.

وكان من الأدلةِ والبراهينِ على رسالةِ محمدٍ ، وأنَّ القرآنَ من عندِ اللهِ: مقابلةُ المكذبينَ لهُ، فإنَّ مَنْ نظَرَ إليها عَلِمَ أنها سلاحٌ عليهم، وأكبرُ دليل على أنهم مقاومونَ للحقِّ، ساعونَ في إبطالهِ، وأنهم على الباطلِ الذي ليسَ لهُ حظٌّ من العقلِ، كما ليسَ لهُ حظٌّ من الدينِ.

وكانوا أيضًا يقولونَ في النبيِّ الأقوالَ التي ليسَ فيها دلالةٌ على ما كانوا يعتقدونَ، وليسَ فيها نقصٌ بالنبيِّ ، يقولونَ: لوْ أنَّ محمدًا صادقٌ لأنزلَ اللهُ ملائكةً يشهدونَ لهُ بذلكَ، ولأغناهُ اللهُ عن المشيِ في الأسواقِ، وطلبِ الرزقِ كما يطلبهُ غيرهُ، ولجعَلَ لهُ كذا وكذا مما توحِي إليهِ عقولُهم الفاسدةُ، ويذكرُها اللهُ في القرآنِ في مواضعَ متعددةٍ:

• تارةً يصورُها للعبادِ فقطْ؛ لأنَّ مَنْ تصورَها عرَفَ بطلانَها، وأنها ليستْ من الشبهِ القادحةِ، فضلًا عن الحججِ المعتبرةِ.

• وتارةً يصورُها ويذكرُ ما يبطلُها من الأمورِ الواضحةِ، وهذا كثيرٌ في القرآنِ.


(١) عِضِين: «من عَضَّيْتُ الشيءَ، إذا فرقته، المعنى: فرقوا أقاويلهم في القرآن فجعلوه كذبا وسحرا وشعرا وكهانة». (لسان العرب: ١٣/ ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>