وبضدِّهِ تُعرفُ الحكمةُ في هدايتهِ للمؤمنينَ، وأنهم لما كانوا منصفينَ ليسَ غرضُهم إلا الحقَّ، ولا لهم قصدٌ إلا طلبَ رضا ربِّهم؛ هداهم اللهُ بالقرآنِ، وازدادَتْ بهِ علومُهم ومعارفُهم وإيمانُهم وهدايتُهم المتنوعةُ، قالَ تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)﴾ [المائدة: ١٦].
وهذا الوصفُ الجليلُ للمؤمنينَ هوَ الأساسُ لهدايتِهم، وزيادةِ إيمانِهم، وانقيادِهم، وبهِ ينفتحُ لكَ البابُ في فهمِ الآياتِ في أوصافِ المؤمنينَ، وسرعةِ انقيادِهم للحقِّ: أصولهِ وفروعهِ.
* ومن مقاماتِ النبيِّ ﷺ معَ المكذبينَ لهُ: أنهُ يدعُوهم بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ويجادلُهم بالتي هيَ أحسنُ، ويدعُوهم أفرادًا ومتفرقينَ، ويذكِّرُهم بالقرآنِ، ويتلوهُ في الصلاةِ وخارجِها.
وكانوا إذا سمعُوهُ صمُّوا آذانَهم، وقدْ يسبونَهُ ويسبونَ مَنْ أنزلَهُ، فأنزلَ اللهُ على رسولهِ آياتٍ كثيرةً في هذا المعنى، يبيِّنُ حالَهم معَ سماعِ القرآنِ، وشدةَ نفورِهم كأنهم حمرٌ مستنفرةٌ فرَّتْ من قسورةٍ، وأنَّ شياطينَهم ورؤساءَهم في الشرِّ فكَّرُوا وقدَّرُوا ونظرُوا فيما يقولونَ عن القرآنِ ويصفونَهُ بهِ؛ لينفِّرُوا عنهُ الناسَ، حتى قَرَّ قرارُ رئيسِهم الوليدِ بنِ المغيرةِ الذي سماهُ اللهُ وحيدًا، فقالَ: ﴿فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)﴾ [المدثر: ٢٤ - ٢٥]، ولكنْ أبَى اللهُ إلا أنْ يعلوَ هذا الكلامُ كلَّ كلامٍ، ويزهقَ هذا الحقُّ كلَّ باطلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute