آياتٍ كثيرةً من سورةِ (التوبة)، يذكرُ تعالى تفاصيلَها وشدتَها، ويُثنِي على المؤمنينَ، ويذمُّ المنافقينَ وتخلَّفَهم، ويذكرُ توبتَهُ على النبيِّ والمهاجرينَ والأنصارِ الذينَ اتبعوهُ في ساعةِ العسرةِ، ويَدخلُ معهم الثلاثةُ الذينَ خُلِّفُوا بعدَ توبتِهم وإنابتِهم.
وفي مطاوي هذهِ الغزواتِ يذكُرُ اللهُ آياتِ الجهادِ وفرضَهُ وفضلَهُ وثوابَ أهلهِ، وما للناكلينَ عنهُ من الذلِّ العاجلِ والعقابِ الآجلِ، كما أنهُ في أثناءِ هذهِ المدةِ يُنزلُ اللهُ الأحكامَ الشرعيةَ شيئًا فشيئًا بحسبِ ما تقتضيهِ حكمتهُ.
* وفي سنةِ تسعٍ من الهجرةِ أو سنةِ عشرٍ فرَضَ اللهُ الحجَّ على المسلمينَ، وكانَ
أبو بكرٍ حجَّ بالناسِ سنةَ تسعٍ، ونبذَ إلى المشركينَ عهودَهم، وأتمَّ عهودَ الذينَ لم ينقضُوا.
ثم حجَّ النبيُّ ﷺ بالمسلمينَ سنةَ عشرٍ، واستوعَبَ المسلمينَ معهُ، وأَعلمَهم بمناسكِ الحجِّ والعمرةِ بقولهِ وفعلهِ، وأنزلَ اللهُ الآياتِ التي في الحجِّ وأحكامهِ، وأنزلَ اللهُ يومَ عرفةَ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣].
فلم يبقَ من العلومِ النافعةِ علمٌ إلا بيَّنَهُ لهم؛ فإنَّ القرآنَ تبيانٌ لكلِّ شيءٍ: فعلومُ الأصولِ، وعلومُ الفروعِ والأحكامِ، وعلومُ الأخلاقِ والآدابِ، وعلومُ الكونِ، وكلُّ ما يحتاجهُ الخلقُ من ذلكَ اليومِ إلى أنْ تقومَ الساعةُ؛ ففي القرآنِ بيانهُ والإرشادُ إليهِ، وهوَ الذي إليهِ المرجعُ في جميعِ الحقائقِ الشرعيةِ والعقليةِ، ومحالٌ وممتنعٌ أنْ يأتيَ علمٌ صحيحٌ -لا محسوس ولا معقول- ينقضُ شيئًا مما جاءَ بهِ القرآنُ؛ فإنهُ ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢]، ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ [فصلت: ٤٢]، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]، ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩]، ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute