للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأحزاب: ٤]، فهذهِ الآيةُ جمعَتْ بينَ نوعَي العلومِ: فإنَّ العلومَ وسائلُ (١)، ومقاصدُ وهوَ الحقُّ الذي يقولهُ اللهُ في كتابهِ وعلى لسانِ رسولهِ؛ ونوعٌ وسائلُ، وهوَ الهدايةُ إلى السبيلِ إلى كلِّ علمٍ وعملٍ.

كما أنَّ قولَهُ تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣] جمعَتِ الكمالَ في ألفاظهِ ومعانيهِ:

- فألفاظُهُ أوضحُ الألفاظِ وأبلغُها وأحسنُها تفسيرًا لكلِّ ما تفسِّرهُ من الحقائقِ، بوضوحِها وأحكامِها وقوامِها.

- ومعانيهِ كلُّها حقٌّ.

وذلكَ أنهُ: ﴿تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام: ١١٥]، ﴿صِدْقًا﴾ في أخبارِها، ﴿وَعَدْلًا﴾ في أحكامِها: أوامرِها ونواهِيها، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٥٠] فأحكامُهُ على الإطلاقِ أحسنُ الأحكامِ، وأنفعُها للعبادِ، فهذا في شرعهِ ودينهِ، ونظيرهُ في خَلْقهِ: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧)[السجدة: ٧].

* وقدْ جمعَ اللهُ في كتابهِ بينَ المتقابلاتِ العامةِ؛ وذلكَ لكمالِ هذا الكتابِ وأحكامهِ كالأمثلةِ السابقةِ، وكما في قولهِ تعالى:

* ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢] فإنَّ البرَّ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبهُ اللهُ ويرضاهُ من العقائدِ والأخلاقِ والأعمالِ. والتقوى: اسمٌ جامعٌ لما يجبُ اتقاؤهُ من جميعِ المآثمِ والمضارِّ؛ ولهذا قالَ: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢] فالإثمُ: المعاصِي


(١) في (خ): مسائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>