للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)[البقرة: ١٦٣].

* يخبرُ تعالى -وهو أصدقُ القائلينَ- أنه: ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ أي: متوحدٌ منفردٌ في ذاتهِ وأسمائهِ وصفاتهِ وأفعالهِ؛ فليسَ لهُ شريكٌ، ولا سَمِيَّ لهُ، ولا كفوَ ولا مثلَ ولا نظيرَ ولا خالقَ ولا مدبرَ غيرُهُ.

* فإذا تقررَ أنهُ كذلكَ فهوَ المستحقُّ لأنْ يُؤلهَ ويعبدَ بجميعِ أنواعِ العبادةِ، ولا يُشركَ بهِ أحدٌ من خلقهِ؛ لأنهُ ﴿الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾: المتصفُ بالرحمةِ العظيمةِ، التي لا يماثلُها رحمةُ أحدٍ؛ فقدْ وسعَتْ كلَّ شيءٍ، وعمَّتْ كلَّ حيٍّ:

* فبرحمتهِ وُجدَتِ المخلوقاتُ.

* وبرحمتهِ حصلَتْ لها أنواعُ الكمالاتِ.

* وبرحمتهِ اندفعَ عن العبادِ كلُّ نقمةٍ.

* وبرحمتهِ عَرَّفَ عبادَهُ نفسَهُ بصفاتهِ وآلائهِ.

* وبيَّنَ لهم كلَّ ما يحتاجونَهُ من أمورِ دينِهم، ومصالحِ دنياهم؛ بإرسالِ الرسلِ وإنزالِ الكتبِ.

* فإذا عُلِمَ أنَّ ما بالعبادِ من نعمةٍ دقَّتْ أو جلَّتْ فمن اللهِ، وأنَّ أحدًا من المخلوقينَ لا ينفعُ أحدًا؛ عُلِمَ أنهُ لا يستحقُّ العبادةَ إلا المتفردُ بالنعمِ، الدافعُ للمكارهِ، وتعيَّنَ على العبادِ أنْ يفردوهُ بالمحبةِ والخوفِ والرجاءِ والتعظيمِ والتوكلِ، وغيرِ ذلكَ من أنواعِ الطاعاتِ.

* وإنَّ مِنْ أظلمِ الظلمِ وأقبحِ القبيحِ وأعظمِ الضلالِ: أنْ يعدلَ عن عبادتهِ إلى عبادةِ العبيدِ، وأنْ يُشركَ المخلوقينَ من ترابٍ بالربِّ العظيمِ، وأنْ يُسوَّى المخلوقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>