للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسلِ ومَن تبعَهم من المؤمنينَ، وإكرامَهم في الدنيا قبلَ الآخرةِ، وكم أبطلَ اللهُ كلَّ شبهةٍ يقدحُ بها المكذبونَ بالمعادِ، كما أقامَ الأدلةَ على إبطالِ الشبهِ الموجهةِ من المكذبينَ إلى توحيدهِ وصدقِ رسلهِ، وبيَّنَ سفهَهم وفسادَ عقولِهم، وأنهُ ليسَ لهم من المستنداتِ على إنكارِ ذلكَ إلا استبعاداتٌ مجردةٌ، وقياسُ قدرةِ ربِّ العالمينَ على قَدْرِ المخلوقينَ!

والمقصودُ: أنَّ هذهِ الأصولَ العظيمةَ قدْ قامَتِ البراهينُ القواطعُ عليها من كلِّ وجهٍ وبكلِّ اعتبارٍ، وجميعُ الحقائقِ الصحيحةِ غيرِها لمَ يقُمْ على ثبوتِها وعلمِها عُشرُ معشارِ ما قامَ على هذهِ الأصولِ من البراهينِ المتنوعةِ؛ ففي هذا دليلٌ على أنَّ كلَّ مَنْ أثبتَ معلومًا أو حقيقةً من الحقائقِ بطريقٍ عقليٍّ أو خبريٍّ أو حسيٍّ، ثم نفى معَ ذلكَ واحدًا من هذهِ الأصولِ الثلاثةِ التي هيَ أساسُ الدينِ - فقدْ كابرَ عقلَهُ وحسَّهُ وعلمَهُ، ونادَى على نفسهِ بالتناقضِ العظيمِ؛ لأنَّ الطرقَ التي دلَّتْهُ على إثباتِ معلوماتهِ هيَ وأضعافُها، وأضعافُ أضعافِها، وما هوَ أقوى منها وأوضحُ؛ قدْ دلَّتْ على التوحيدِ والرسالةِ والمعادِ.

واعلَمْ أنَّ المعلوماتِ بخبرِ اللهِ وخبرِ رسلهِ عامة يدخلُ فيها الإخبارُ عن اللهِ وعن ملائكتهِ وعن الغيوبِ كلِّها، وأمورُ الشرعِ والقدرِ، وهيَ الأخبارُ المعصومةُ الصادقةُ التي يُعلمُ كذبُ ما خالفَها وبطلانهُ، ولنكتفِ بهذا الأنموذجِ من الأمثلةِ، واللهُ أعلمُ.

وبعد هذا: إخبارُ الصادقينَ عن المواضعِ والحوادثِ والوقائعِ التي شاهدُوها، وهذا النوعُ بحسبِ صدقِ المخبرينَ وتواترِ خبرِهم يُفيدُ العلمَ القطعيَّ، وكذلكَ إخبارُ الصادقينَ عن العلومِ التي سمعُوها، والألفاظِ التي نقلوها، وأصدقُ الناقلينَ هنا حملةُ الشريعةِ المحمديةِ؛ لشدةِ عنايتِهم، وكمالِ صدقِهم، وقوةِ دينِهم، وأنهم بالخصوصِ حُفظوا عن الخطأِ العموميِّ، والاتفاقِ على غيرِ الصوابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>