للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمحمدٌ هوَ الإمامُ الأعظمُ المعلِّمُ لهذينِ الأمرينِ، اللذينِ ينابيعُ العلومِ كلها تتفجرُ من مَعِينِهما.

فعَلَّمَ أمتَهُ الكتابَ والحكمةَ، وأوقفَهم على حِكَمِ الأحكامِ وأسرارِها؛ فكانت حياتُهُ كلُّها -أقوالهُ وأفعالهُ وتقريراتهُ، وهديهُ، وأخلاقهُ الظاهرةُ والباطنةُ، وسيرتهُ الكاملةُ المتنوعةُ في كلِّ فنٍّ من الفنونِ- تعليمًا منهُ للمؤمنينَ، وشرحًا للكتابِ والحكمةِ.

فجمعَ لهم بينَ تعليمِ الأحكامِ الأصوليةِ والفروعيةِ، وما بهِ تُدركُ وتُنالُ، والطرقِ التي تُفضِي إليها عقلًا ونقلًا وتفكيرًا وتدبرًا، واستخراجًا للعلومِ الكونيةِ من مظانِها وينابيعِها.

وبيَّنَ لهم فوائدَ ذلكَ كلِّه وثمراتِه، وشَرَحَ لهم الصراطَ المستقيمَ -اعتقاداتِهِ وأخلاقَهُ وأعمالَهُ- وما لسالكهِ عندَ اللهِ من الخيرِ العاجلِ والآجلِ، وما على المنحرفِ عنهُ من العقابِ والضررِ العاجلِ والآجلِ.

فكانَ خيارُ المؤمنينَ بهذا التعليمِ الصادرِ من النبيِّ الكريمِ مباشرةً وتبليغًا: من العلماءِ الربانيينَ الراسخينَ في العلمِ، ومن الهداةِ المهديينَ، ومن أكابرِ الصديقينَ. وحصلَ لسائرِ المؤمنينَ من هذا التعليمِ نصيبٌ وافرٌ من الخيرِ العظيمِ على حسبِ طبقاتِهم ومنازلِهم، وذلكَ فضلُ اللهِ يؤتيهِ من يشاءُ، واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ.

فخرجُوا بهذا التعليمِ من جميعِ الضلالاتِ، [وانجابَتْ] (١) عنهم الشرورُ المتنوعةُ والجهالاتُ، وتمَّ لهم النورُ الكاملُ، وانقشعَتْ عنهم الظلماتُ، فيا لها من نعمةٍ لا يُقادَرُ قَدْرُها، ولا يحصِي المؤمنونَ كُنْهَ شكرِها.


(١) في (ط): وانجالت. والمثبت من (خ)، ولعله الصواب؛ لموافقته أسلوب المؤلف في قوله: «لاستقامت أحوالهم وصلحت أمورهم وانجابت عنهم شرور كثيرة» (القواعد الحسان لتفسير القرآن: ص ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>