للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦)[الفرقان: ٤ - ٦].

* ذكرَ اللهُ تعالى في هذا: قَدْحَ المكذبينَ لمحمدٍ ، وإدلاءَهم بهذهِ الشُّبهِ التي يعلمونَ ويعلمُ الناسُ بطلانَها: فزعمُوا أنهُ افترَى هذا القرآنَ (١)، وأنهُ ساعدَهُ على ذلكَ قومٌ آخرونَ؛ فردَّ اللهُ عليهم هذهِ المقالةَ المنتهيةَ في القبحِ بأنَّ هذا ظلمٌ عظيمٌ، وجراءةٌ يعجبُ السامعُ كيفَ سولَّتْ لهم أنفسُهم هذا القولَ الهراءَ، وأنهُ من الزورِ والظلمِ؛ فإنهُ قدْ كانوا يعرفونَ بلا شكٍّ صدقَهُ وأمانتَهُ التي لا يلحقُهُ فيها أحدٌ، وأنهُ لم يجتمِعْ بأحدٍ من أهلِ العلمِ، ولا رحلَ في طلبهِ، وقدْ نشأَ بينَ أمةٍ أميَّةٍ في غايةِ الجهلِ والضلالِ، وقدْ جاءَهم بهذا الكتابِ العظيمِ الذي لم يَطْرُقِ العالمَ أعظمُ منهُ، ولا أعلى معاني وأغزرُ علمًا، ولا أبلغُ من ألفاظهِ ومعانيهِ، وأتمُّ من حُكْمِهِ وحِكَمِهِ ومبانيهِ.

* وقدْ تحدَّى أقصاهم وأدناهم، وأفرادَهم وجماعتَهم، وأولَهم وآخرَهم أنْ يأتيَ بمثلهِ، أو بعشرِ سورٍ من مثلهِ، أو بسورةٍ واحدةٍ من مثلهِ؛ وصرَّحَ لهم أنهم إنْ أَتَوا بشيءٍ من مثلهِ فهمَ صادقونَ، وهم أهلُ الفصاحةِ والبلاغةِ في الكلامِ؛ فعجزوا غايةَ العجزِ عن معارضتهِ والإتيانِ بمثلهِ، واتضحَ لهم ولغيرِهم عِيُّهم وعجزُهم، وتبيَّنَ بطلانُ دعواهم.

وكلُّ مَنْ حاولَ أنْ يأتيَ بكلامٍ يُعارِضُ بهِ ما جاءَ بهِ الرسولُ صارَ كلامهُ ضحكةً للصبيانِ، فضلًا عن أهلِ النظرِ والعقولِ.


(١) بعدها في (خ): على الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>