للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمكارمِ الأخلاقِ، والآياتِ التي فيها الحثُّ على كلِّ خلُقٍ جميل، فكانَ أولَ الخلْقِ امتثالًا لها، وسبقًا إليها، وإلى تكميلِها، فكانَ لهُ منها أكملُها وأجلُّها وأعلاها، وهوَ في كلِّ خصلةٍ منها في الذروةِ العليا:

* فكانَ سهلًا لينًا قريبًا من الناسِ.

* مجيبًا لدعوةِ مَنْ دعاهُ.

* قاضيًا لحاجةِ مَنْ استقضاهُ.

* جابرًا لقلبِ مَنْ سألَهُ، لا يحرمهُ ولا يردهُ خائبًا.

* وإذا أرادَ أصحابهُ أمرًا وافقَهم عليهِ، وتابعَهم فيه إذا لم يكنْ في ذلكَ محذورٌ.

* وإنْ عزَمَ على أمرٍ لم يستبِدَّ بهِ دونَهم، بلْ يشاورُهم ويؤامرُهم.

* وكانَ يقبلُ من محسنِهم، ويعفُو عن مسيئِهم.

* ولم يكنْ يعاشرُ جليسًا إلا أتمَّ عشرةً وأحسنَها، فكانَ لا يعبسُ في وجههِ، ولا يغلظُ لهُ في كلامهِ، ولا يطوِي عنهُ بشرَهُ، ولا يمسكُ عليهِ فلتاتِ لسانهِ، ولا يؤاخذهُ بما يصدرُ منهُ مِنْ جفوةٍ، بلْ يحسنُ إليهِ غايةَ الإحسانِ، ويحتملهُ غايةَ الاحتمالِ، .

* فلما أنزلَهُ اللهُ بأعلى المنازلِ، وكانَ أعداؤهُ يقولونَ: إنهُ مجنونٌ مفتونٌ، قالَ: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)﴾، وقدْ تبينَ أنهُ كانَ أهدَى الناسِ وأكملَهم وأنفعَهم لنفسهِ ولغيرهِ، وأنَّ أعداءَهُ أضلُّ الناسِ للناسِ، وأنهم هم الذينَ فتنُوا عبادَ اللهِ، وأضلُّوهم عن سبيلهِ، وكفى بعلمِ اللهِ بذلكَ، فإنه المحاسبُ المجازِي، و ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القلم: ٧]، وفيهِ تهديدٌ للضالينَ، ووعدٌ للمهتدينَ، وبيانٌ لحكمةِ اللهِ في هدايتهِ مَنْ يصلحُ للهدايةِ دونَ غيرهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>