للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾ الآية [الإسراء: ٣١] وذلكَ أنَّ اللهَ أرحمُ بعبادهِ من الوالدةِ بولدِها، فنَهَى الوالدينِ عن هذا الخلُقِ الذي هوَ مِنْ أرذلِ الأخلاقِ وأسقطِها: قتلِ أولادِهم خشيةً من الفقرِ والإملاقِ؛ ففيهِ عدةُ جناياتٍ:

* قتلُ النفسِ الذي هوَ من أعظمِ الفسادِ.

* وأشنعُ من ذلكَ قتلُ الأولادِ الذينَ هم فلذُ الأكبادِ.

* وسوءُ الظنِّ بربِّ العالمينَ.

* وجهلُهم وضلالُهم البليغُ؛ إذْ ظنُّوا أنَّ وجودَهم يضيقُ عليهم الأرزاقَ، فتكفَّلَ لهم بقيامهِ برزقِ الجميعِ.

فأينَ هذا الخلقُ الشنيعُ مِنْ أخلاقِ خواصِّ المؤمنينَ الذينَ كلَّما كثرتْ أولادُهم وعوائلُهم قويَ ظنُّهم باللهِ، ورجَوا زيادةَ فضلهِ، وقامُوا بمؤنتِهم مطمئنةً نفوسُهم، حامدينَ ربَّهم أنْ جعلَ رزقَهم على أيدِيهم، ومُثنينَ على ربِّهم إذْ أقدرَهم على ذلكَ، وراجينَ ثوابَ ذلكَ عندَهُ، ومشاهدينَ لمنةِ اللهِ عليهم بذلكَ؟! قالَ : «هلْ تُنصرونَ وتُرزقونَ إلا بضعفائِكم (١): بدعائِهم ورغبتِهم إلى اللهِ» (٢).

* والنهيُ عن قربانِ الزِّنَى يشملُ: النهيَ عنهُ، وعن جميعِ دواعيهِ ومقدماتهِ: كالنظرِ المحرمِ، والخلوةِ بالأجنبيةِ، وخطابِ مَنْ يُخشَى الفتنةُ بخطابهِ، ونحوِ ذلكَ.

ووصَفَ الزِّنَى بأقبحِ الأوصافِ: بأنهُ ﴿فَاحِشَةً﴾ [الإسراء: ٣٢] أي: جريمةً عظيمةً تُستفحشُ شرعًا وعقلًا؛ لأنَّ فيه انتهاكَ حرمةِ الشرعِ والتهاونَ بهِ، وفيهِ إفسادُ


(١) البخاري (٢٨٩٦).
(٢) النسائي (٣١٧٨) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>