للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانوا لا يشهدونَ الزورَ، فإنهم من بابِ أولى لا يفعلونَهُ ولا يقولونَهُ. وشهادةُ الزورِ داخلةٌ في قولِ الزورِ.

* ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ﴾ [الفرقان: ٧٢] وهوَ: الكلامُ الذي لا فائدةَ فيه، دينيةً ولا دنيويةً، ككلامِ السفهاءِ ونحوِهم، ﴿مَرُّوا كِرَامًا﴾ أي: نزَّهُوا أنفسَهم وأكرمُوها عن الخوضِ فيه، ورأَوهُ سفهًا منافيًا لمكارمِ الأخلاقِ.

وفي قولهِ: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ﴾: إشارةٌ إلى أنهم لا يقصدونَ حضورَهُ، ولا سماعَهُ، ولكنْ يحصلُ ذلكَ بغيرِ قصدٍ، فيكرِمونَ أنفسَهم عنهُ.

* ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ [الفرقان: ٧٣] التي أُمرُوا بالاستماعِ لها، والاهتداءِ بها، ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ أي: لم يقابلُوها بالإعراضِ عنها، والصممِ عن سماعِها، وصرفِ القلبِ عنها، كما يفعلهُ مَنْ لم يؤمِنْ بها ويصدِّقْ، وإنما حالُ هؤلاءِ الأخيارِ عندَ سماعِها كما قالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥] يقابلونَها بالقبولِ والافتقارِ إليها، والانقيادِ والتسليمِ لها؛ وتجدُ عندَهم آذانًا سامعةً، وقلوبًا واعيةً؛ فيزدادُ بها إيمانُهم، ويتمُّ بها يقينُهم، وتحدِثُ لهم فرحًا ونشاطًا واغتباطًا؛ لما يعلمونَ أنها أفضلُ المننِ الواصلةِ إليهم مِنْ ربِّهم.

* ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا﴾ [الفرقان: ٧٤] أي: قُرَنائِنا: من أصحابٍ، وأخلاءَ، وأقرانٍ، وزوجاتٍ، ﴿وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ أي: تقرُّ بهم أعينُنا.

وإذا استقرَأنا حالَهم وصفاتِهم عرَفْنا من علوِّ هممِهم ومراتبِهم أنَّ مقصودَهم بهذا الدعاءِ لذرياتِهم أنْ يطلبوا منهُ صلاحَهم؛ فإنَّ صلاحَ الذريةِ عائدٌ إليهم وإلى والدَيْهم؛ لأنَّ النفعَ يعودُ على الجميعِ، بلْ صلاحُهم يعودُ إلى نفعِ المسلمينَ عمومًا؛ لأنَّ بصلاحِ المذكورينَ صلاحًا لكلِّ مَنْ لهُ تعلُّقٌ بهم، ثم يتسلسلُ الصلاحُ والخيرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>