للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ أي: أوصِلْنا -يا ربَّنا- إلى هذهِ الدرجةِ العاليةِ، درجةِ الصديقينَ والكُمَّلِ من عبادِ اللهِ الصالحينَ، وهيَ درجةُ الإمامةِ في الدينِ، وأنْ يكونوا قدوةً للمتقينَ في أقوالِهم وأفعالِهم، يُقتدَى بأقوالِهم وأفعالِهم ويُطمأنُّ إليها؛ لثقةِ المتقينَ بعلمِهم ودينِهم، ويهتدِي المهتدونَ بهم.

ومِن المعلومِ أنَّ الدعاءَ بحصولِ شيءٍ دعاءٌ بهِ وبما لا يتمُّ إلا بهِ، وهذهِ الدرجةُ درجةُ الإمامةِ في الدينِ لا تتمُّ إلا بالصبرِ واليقينِ، كما قالَ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)[السجدة: ٢٤]، فهذا الدعاءُ يستلزمُ من حصولِ الأعمالِ الصالحةِ، والصبرِ على طاعةِ اللهِ، وعن معصيتهِ، وعلى أقدارهِ المؤلمةِ، ومن العلمِ النافعِ التامِّ الراسخِ الذي يوصلُ صاحبَهُ إلى درجةِ اليقينِ - خيرًا كثيرًا وعطاءً جزيلًا.

* ولما كانتْ هممُهم وأعمالُهم عاليةً كان الجزاءُ من جنسِ العملِ، فجازاهم من جنسِ عملِهم فقالَ: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾ [الفرقان: ٧٥] أي: المنازلَ العاليةَ الرفيعةَ، الجامعةَ لكلِّ نعيمٍ روحيٍّ وبدنيٍّ؛ بسببِ صبرِهم على القيامِ بهذهِ الأعمالِ الجليلةِ، ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾ من ربِّهم، ومن الملائكةِ الكرامِ، ومن بعضِهم على بعضٍ، ويَسلَمُونَ من جميعِ المنغضاتِ والمكدراتِ.

* والحاصلُ:

* أنَّ اللهَ وصفَهم بالوقارِ والسكينةِ، والتواضعِ لهُ ولعبادهِ، وحسنِ الأدبِ، والحلمِ وسعةِ الخلقِ، والعفوِ عن الجاهلينَ والإعراضِ عنهم، ومقابلةِ إساءتِهم بالإحسانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>