للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[كانوا أعداء فألف بينهم]

إن الهمس في المعسكر بالقرب من يافا لا ينتهي، كما انتشرت الشائعات حتى بلغت إيطاليا، فالهمس يدور حول اتصالات بين القيصر والمسلمين، وذلك منذ شهر سبتمبر عندما وطئت قدم القيصر المطرود من الكنيسة الأراضي المقدسة وظل طيلة هذا الوقت مسالمًا لا يسل سيفًا. ولم يقع حادث يعكر صفو السلام في الأراضي المقدسة، وحتى لا يشعر جنوده من الألمان وبعض الإنجليز ونفر من أهالي بيزا وجنوة، وجميعهم قد أخلصوا له، بالسأم والضجر كلفهم بالقيام ببعض الأعمال اليدوية مثل تقليب الأرض وعزقها حتى لا يملوا العمل في تشييد الحصون. وفي الوقت نفسه كانت الرسل تروح وتغدو بين يافا ومعسكر السلطان الكامل الذي لم يكن يبعد كثيرًا عن حدود مصر. وفي تلك الفترة يجلس زعيم المسيحية في خيمته ومعه عربي في غاية الأناقة يتحدثان في اللغة العربية حديثًا طويلا لا يعرف نهاية، وهو حديث سري، لذلك ظلت هذه المفاوضات سرًا غامضًا على الآخرين. وقد أصبح من العسير على الإنسان أن يتكهن بماذا تأتي الأيام وراء هذه الجبهة العريضة للقيصر الأكبر صاحب السلطان القوي في معسكره وعلى جيشه، ولو أن خصمه في روما أخذ يبذل كل ما في جهده من دعاية وتشنيع، وأعلن البابا زورًا وبهتانًا خبر وفاة القيصر وبذلك أباح لشعبه التحلل من يمين الولاء والطاعة له كما انقض جنود البابا على مملكته. وهنا في الشرق نجد رجال الدين السوريين والبارونات يعلنون معارضة القيصر، كما وجد في معسكره بعض الخونة الذين أخذوا يتربصون به، كما وقع في حيرة من جراء إطعام هذا الجيش الجائع

<<  <   >  >>