للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ميلاد نظرة جديدة للعالم]

تجمع بين الجرماني والعربي النظرة القوية الفاحصة للطبيعة كما هي، وقد فقد المثقفون الأوربيون هذه الصفة. فكل من القيصر ومدرب صقوره وابني القيصر «أنزيو» و «منفريد» والمشرف على خيول القيصر وهو مؤلف رسالة في علاج الخيل - هؤلاء جميعهم من بين أولئك الذين يرون بعيون شبه مغلقة. أما هم فهم المبصرون فقط وهم الذين يعرفون المسائل الطبيعية، كما يقرر ذلك فريدريش نفسه. إنهم أساتذة في إدراك وملاحظة وفحص الحقائق المحسوسة.

لكن لم يحصل أن الأوربيين نظروا إلى الطبيعة لذاتها، وقد رأينا العصور الوسطى تهتم بكتاب خاص وتغرم به، وهو كتاب «فيزيولوجوس» الذي يتحدث عن النملة والأسد، وقد ولد لهما حيوان أطلق عليه اسم الأسد النملي، وقد مات هذا الحيوان بمجرد ولادته، وذلك لأنه عاجز عن إطعام نفسه أو غير قادر على ذلك فموتاً يموت. والدليل على صحة ذلك ما ورد في الكتاب المقدس حيث ذكر: أن الأسد النملة يموت جوعاً؛ وذلك لأنه من طبيعتين فإذا دفعته طبيعة من الطبيعتين إلى أكل اللحم رفضت الطبيعة الأخرى أي طبيعة النمل التي تشتهى أكل الحبوب، ولكن النمل يريد أن يعيش على الحبوب وهذا يتعارض وطبيعة الأسد؛ لذلك فهو محروم من اللحم والحبوب ومن أجل ذلك يموت. وهكذا أولئك الذين يريدون أن يخدموا سيدين في وقت واحد الله والشيطان؛ إذ بينما يدعوهم الله إلى الطهارة يحضهم الشيطان على ارتكاب الجريمة.

<<  <   >  >>