للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سلطان لوكيرا]

«أول رجل حديث على العرش»

هكذا وصف «يعقوب بورخردت» القيصر فريدريش الثاني على أنه مثال الرجل الحر الموجود في المجال التاريخي العالمي، عقلية متحررة» من القيود والتقاليد وهو الرجل الذي يأتي في طليعة قادة النهضة الإصلاحية وحركة إحياء العلوم. وهذا الحكم جدير بالاعتبار والاهتمام، فالقيصر فريدريش كان أكثر أمراء الإصلاح شبها بالحكام العرب، مثله مثل المأمون أو الكامل، وإن الصلة بينه عقلاً وخلقاً وبين سلطان مصر تكاد تشبه الصلة بين أوراق الشجرة الواحدة فالميول واحدة والعادات متشابهة وطرق الحياة والنظرة إليها والسلوك والاتصالات بالناس تكاد تكون عند القيصر فريدريش صورة لتلك التي يتصف بها سلطان مصر، كما أن كلاً منهما يتصف بنظرته التحررية التي يتطلع بها إلى هذا العالم كعالم وحاكم ومصلح وبخاصة فيما يتصل بالمسائل الاقتصادية، وفريدريش كذلك مؤسس مدرسة عليا وليس أقل من الكامل بغضاً لإراقة الدماء.

وفي أعقاب حركة النهضة، نجد القوى التي شحنها فريدريش الثاني تتدخل في التاريخ وتؤثر فيه وتغير وجه أوربا من أساسه. وبالرغم من كل هذا لم يكن يعتقد أنه «إنسان عصري»، ولم يكن الشخص الذي يشعر أنه متحرر وأنه قد يقال عنه إنه مفكر حر أو زنديق، بل كان بالرغم من كل ذلك مسيحياً مؤمناً بالمسيحية، وكان في مسيحيته أفضل من أولئك الذين يجلسون على كرسي بطرس أعني الباباوات: هؤلاء الذئاب في ثياب الحملان، أولئك الذين يخلقون الفرقة بين الناس

<<  <   >  >>