للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الترجمة مجهود ثقافي]

إن المخطوطات وغيرها التي أنقذها العرب لم تخزن في المتاحف والخزانات وحيل بينها وبين الهواء، بل بعثت بعثًا جديدًا، وانتقلت من حال النسيان والإهمال إلى الحياة ثانيًا فتية قوية، لقد عادت إلى الحياة لتكون في متناول يد كل فرد، وبالاختصار ترجمت.

لم تترجم هذه الكتب في لغة بعيدة عن تلك المألوفة عند الشعب، لم تترجم إلى لغة لا يعرفها إلا الكتاب والشعراء وغيرهم من اللغويين والفقهاء، أو بتعبير آخر إلى لغة قريبة من اللاتينية في القرن الثامن في أوربا، بل نقلت إلى لغة حية مستعملة ألا وهي لغة القرآن الكريم، وهذه هي الجذور الثابتة للثقافة العربية وهي التي عاونت على نموها وازدهارها. فكل مسلم يجل عليه أن يقرأ القرآن الكريم في اللغة العربية، كل مسلم يتعلم العربية ويتعرف إليها كما أن لكل مواطن من مواطني الدولة الحق في الاغتراف من ينابيع الحكمة والمعرفة ولا يعيش في عزلة عن المجتمع أو الشعب.

وحوالي عام ٦٨٧ م أيام العصر الأموي بدأت هذه الحركة، أعني حركة الترجمة، وقد عاصرها في أوربا «ببين فون هريستال» وهو والد «كارل مارتل» الذي قفز من وظيفة مدير لقصر الملك إلى حاكم حقيقي لفرنسا.

وحدث في ذلك الوقت أن الأمير الأموي خالد بن يزيد اضطر إلى التنازل عن

<<  <   >  >>