إسبانيا هي الحلم، هي الأمنية، إنها تاج العروبة. والتقدم الذي عرفته العروبة تم في إسبانيا، كما يقول العربي الأندلسي. وما حدث لم يكن مقصوراً على عالم المرأة بل عم كل ناحية من النواحي الثقافية العربية.
وهذه ظاهرة عجيبة حقاً تستحق التفكير أكثر من سائر الافتراضات والعجائب التي جاءت بها الثقافة العربية، وهذا يبدو فيه شيء من التناقض، فأخصب البقاع حضارة وثقافة ومدنية هي تلك التي كانت فيها قليلة جداً، وذلك لندرة وجود العنصر العربي وحيث لم تقم من قبل حضارة هامة، إن الحضارة الطارئة التي جاء بها الغزاة لم تتأصل فيها لتزدهر وظلت ضعيفة هزيلة، بخلاف الحال في الأقطار الأخرى التي تشبه إسبانيا تماماً وذلك مثل صقلية ومصر وسوريا والعراق وإيران حيث نجد شعوباً مثقفة ثقافة رفيعة تلعب دوراً هاماً في الثقافة البشرية مثل الهلينية والبيزنطية واليونانية والفارسية والهندية حيث تفاعلت مع الثقافة العربية.
أما في بلاد المغرب البربرية وفي إسبانيا حيث كانت الدولة الغوطية الغربية وريثة الاستقلال الروماني والاستعباد والمرض المزمن الذي أصاب البلاد من جراء الاستعمار الروماني والذي خلف طبقة من رجال الدين المتعصبين، فهنا لا يوجد شيء وتنعدم كل مقومات الحضارة، وعندما جاء الفاتحون أخذت الموجات العربية تفد من بلاد العرب ومن سوريا وليس حولهم شعوب قد يقتبسون منهم شيئاً ما. فهذه الثقافة الرفيعة العالية التي بلغها العرب في إسبانيا هي خير ما يدحض هذه