من بين المؤثرات العلمية التي أثرت في تكوين عقلية القيصر وشخصيته طيلة حياته البالغة ستة وخمسين عاماً: اللغة العربية. فهذه اللغة كانت أقوى العوامل أثراً في حياته وتوجيهه لا لأنه مما فيها وترعرع منذ طفولته حيث كان عقليته متفتحة القبول المعارف والاستفادة منها بل لطبيعته واستعداده وخصائصه، فقد وجدت جميع هذه الخصال في الثقافة العربية الغذاء الصالح، كما وجد القيصر الطفل والقيصر الشاب في هذه البيئة العربية الجو الملائم لنموها وازدهارها.
فمن إسبانيا الواقعة في غرب القارة الأوربية زحفت العروبة والعربية على كل أوربا، ومن أجزاء القارة البيضاء من استنكر هذا الزحف ومنها من أعجب به، لكن على كل حال وقفت أوربا من زحف الثقافة العربية موقفاً سلبياً. فمن إسبانيا وفد قبل الحملة الصليبية العالم العظيم، على القصر الملكي في صقلية حيث فريدريش. وعن طريق القيصر، عرفت أوربا الآراء الخطرة للفيلسوف العربي ابن رشد. لقد درس «ميخائيل سكوتوس» في إسبانيا وألم باللغة العربية إلماماً جيداً؛ لذلك ساهم في طليطلة في التراجم والترجمات العربية اللاتينية. وكان هذا كافياً لأن يزكيه لدى القيصر فيحسن استقباله. لقد جاء هذا الضيف العالم ومعه معلومات كثيرة جداً في مختلف المواضيع إلا أنه وجد في صقلية أستاذه:«أيها القيصر السعيد إني أعتقد حقاً إذا استطاع شخص أن يتجنب الموت عن طريق علمه فأنت هذا الشخص»! وترجم للقيصر كتاب الحيوان لابن سينا، وشرح ابن رشد على أرسطو، وهو الكتاب الذي ظل مدة ثلاثين عاماً يزعج المسلمين المتزمتين والمسيحيين كذلك.