في أعقاب الحرب العالمية الثانية انتشر انتشار الوباء الرغبة الملحة في الحصول على سيارة وثلاجة وتليفزيون، هذا بينما كان العالم العربي قديمًا شديد الولع باقتناء الكتب، فأقبل على شرائها كل من استطاع إلى هذا سبيلا كما انتشرت الرغبة في الشراء انتشار العدوى في جميع البلاد العربية، وكانت هذه الرغبة لا تفوقها رغبة أخرى اللهم إلا رغبة العالم الحديث.
وكما أن المستوى الاقتصادي والعقلي والاجتماعي للإنسان في عصرنا الحالي يتطلب امتلاك السيارة والتليفزيون، فإن المستوى العربي فيما بين القرنين التاسع والثالث عشر كان يقاس بالمكتبة الخاصة.
ولا شك في أن الخليفة عندما أشار عليه وزيره البرمكي، الدالاي لاما، الوحيد من آسيا، بتأسيس مكتبة في دار الحكمة ببغداد، استجاب لتوه إلى هذه المشورة وشعر بالحاجة الماسة إليها. فدور الكتب تنمو وتزدهر بسرعة. فقد حدثنا رحالة عام ٨٩١ م أن بغداد المطلة على دجلة مائة مكتبة عامة يستعين بها كل طالب علم سواء أكان مستعيرًا أم مطلعًا بداخلها، وبكل مكتبة المترجمون والنساخ في قاعاتهم الخاصة، كما توجد بكل مكتبة قاعة كبرى عامة للندوات والمناقشات وهي شبيهة بالأندية الإنجليزية اليوم.
ومدينة صغيرة مثل النجف كانت في القرن العاشر الميلادي فخورة لامتلاكها أربعين ألف مجلد في الوقت الذي كانت فيه الأديرة الأوربية تقيد هذا العدد القليل