من الكتب الذي قد لا يتجاوز العشرة في السلاسل نظرًا لندرتها وخوفًا عليها من الضياع. أما مكتبة مدينة الري فقد سجلت أسماء كتبها في فهرس يقع في عشرة مجلدات كبيرة وكان في كل مسجد مكتبة، وكل مستشفى يستقبل زواره في قاعته الكبرى الغنية بالكتب، ويحرص على شراء جميع ما يظهر من الكتب الطبية إشباعًا لحاجة الطلاب والباحثين. وفي مرصد «مراغة» يدون ناصر الدين الطوسي أربعمائة ألف مخطوطة، فنجد في جنوب بلاد العرب أميرًا عالما يملك مكتبة بها مائة ألف مجلد؛ ثم نجد ابن سينا ولما يبلغ الثامنة عشرة يزور سلطان بخارى المريض واسمه محمد المنصور استجابة لرغبة طبيبه الخاص بمساعدته طبيًا، فتقديرًا لمجهوده أذن له السلطان في أن يختار من مكتبة القصر ما يحتاج إليه من كتب للدراسة، وهذه المكتبة منظمة تنظيمًا موضوعيًا، كما تشغل غرفًا كثيرة من غرق القصر؛ وقد شاهد ابن سينا فيها كتبًا لا يعرف الكثيرون أسماءها، كتبًا لم يرها ابن سينا من قبل ولا من بعد.
وبعد أن ترك ابن سينا القصر السلطاني بزمن قصير شبت النيران في القصر فأتت على المكتبة، وكان هذا الحادث من الأسباب التي دفعت جماعة من حساده وأعدائه إلى اتهامه بأنه هو الذي أحرقها، وحتى يحتكر هو ما بها وينسبه إلى نفسه.
لكن أحدًا -حتى خليفة قرطبة الذي كان يوفد المبعوثين والعملاء لاقتناء أهم الكتب وأشهرها لمكتبته الخاصة استكمالا لها وتيسيرًا للعلم لطلابه- لا يقارن بالخليفة العزيز في القاهرة. فمكتبة الفاطميين كان بها زهاء مليون وستمائة ألف مجلد وفي حالة جيدة كاملة، ومن بينها ستة آلاف وخمسمائة كتاب في الرياضيات وثمانية عشر ألفًا في الفلسفة. وهذه المكتبة لم تثن ابنه عندما تولى الحكم عن تأسيس مكتبة أخرى إلى جوار الأولى وكانت تشغل ثماني عشرة قاعة.
وقد شجع هذا الاستعداد لدى الخلفاء والسلاطين الوزراء وغيرهم من رجال القصر على النسج على منوالهم، فنجد الوزير المهلبي يترك عندما توفي عام ٩٦٣ م نحو مائة وسبعة عشر ألف مجلد، وهذا العدد لم يكن نادرًا، كما نجد زميله ابن