حتى يكون لها في المعنى تأثير لا يكون لصاحبتها، نحو أن تقصد تشبيه الرجل بالأسد؛ فتقول:(زيد كالأسد)؛ ثم تريد هذا المعنى بعينه، فتقول:(كأن زيداً الأسد)، فتفيد تشبيهه - أيضاً - بالأسد، إلا أنك تريد في معنى تشبيهه به زيادة، لم تكن في الأول، وهي أن تجعله؛ من فرط شجاعته، وقوة قلبه، وأنه لا يروعه شيء، بحيث لا يتميز عن الأسد، ولا يقصر عنه حتى يتوهم أنه أسد في صورة آدمي!
ثم يستنتج عبد القاهر من هذا الفرق، الذي أتى به ابن جنى أيضاً، من قولهم:(زيد كعمرو) و (كأن زيداً عمرو)، أنه ليس إلا بما توحي النظم اللفظ وترتيبه - وهو ما سماه ابن جنى إصلاح اللفظ - حيث قدمت الكاف إلى صدر الكلام وركبت مع إن.
ثم يطلب منا بعد استنتاجه هذا، إن نجعله العبرة في الكلام كله، وأن نروض أنفسنا عليه قائلاً: وإذا لم يكن إلى الشك سبيل، أن ذلك كان بالنظم فاجعله العبرة في الكلام كله، ورض نفسك على تفهم ذلك، وتتبيعه" واجعل فيها: أنك تزاول منه أمراً، عظيماً، لا يقادر قدره، وتدخل في بحر عميق لا يدرك قعره (١).
ثم يأتي عبد القاهر بتلك المسألة - أيضاً - في موضع آخر، شاهداً على أنه إذا تغير النظم تغير المعنى، فيقول: فأما إذا تغير النظم، فلابد - حينئذ - من أن يتغير المعنى - على ما مضى من البيان في مسائل التقديم والتأخير، وعلى ما رأيت في المسألة التي مضت الآن، أعني قولك:(إن زيداً كالأسد، وكأن زيداً الأسد) لأنه لم يتغير من اللفظ شيء، وإنما تغير