وقد أورد ابن جنى هذه المسألة في باب مراعاتهم الأصول تارة، وإهمالهم إياها أخرى، وقد مثل لهذا بيت الكتاب:
ليبك يزيد، ضارع لخصوصه ... ومختبط مما تطيح الطوائح
لأن أول البيت مبنى على إطراح ذكر الفاعل، وآخره قد عوود فيه الحديث عن الفاعل، لأن تقديره فيما بعد: ليبكه مختبط مما تطيح الطوائح فدل قوله: ليبك، على ما أراده من قوله: ليبكه.
ومثل هذا قول الله تعالى:"إن الإنسان خلق هلوعاً" و"خلق الإنسان ضعيفاً" هذا مع قوله سبحانه: "إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق" وقوله عز وجل: "خلق الإنسان علمه البيان" وأمثاله كثيرة.
ثم قال ابن جنى: ونحو من البيت قول الله تعالى: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال" أي يسبح له فيها رجال (١).
وابن جنى - هنا - لم يصرح بأن المحذوف جواب عن سؤال سائل مقدر؛ ولكن المتأخرين لما رأوه يقدر الفعل المبنى للفاعل في كل من البيت والآية الكريمة، جعلوه جواباً عن سؤال مقدر، تقديره في البيت: من يبكيه؟ وفي الآية الكريمة تقديره: من يسبح له فيها؟