للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجاز المرسل]

أسلفنا لك أن مصطلح "المجاز المرسل" لم يكن معروفاً في عصر ابن جنى، ولهذا فإنه أتى بأمثلة منه، ولم يسمه بهذا الاسم".

وهنا نذكر لك أنه قد أتى بباب أسماه باباً في الاكتفاء بالسبب عن المسبب وبالمسبب عن السبب، وأمثلته لا تعدو أن تكون ما أسماه المتأخرون مجازاً مرسلاً.

وقد نوه ابن جنى به، وذكر أنه موضع من العربية شريف لطيف، وأنه واسع لمتأمله كثير، وأنه قد ورد بكتابه منه ما لا يحصيه.

ومما ذكره - في كتابه - مما أشار إليه هنا: ما ذكره من تجوز العرب في تسميتهم الاعتقادات والآراء، قولاً، وذلك لأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول، أو بما يقوم مقام القول، من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر، إلا بالقول سميت قولاً، إذ كانت سبباً له، وكان القول دليلاً عليه، "كما يسمي الشيء باسم غيره، إذا كان ملابساً له".

ومثله في الملابسة: قول الله تعالى: "ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت".

إذ معناه - والله أعلم - أسباب الموت، إذ لو جاء الموت نفسه لمات به - لا محالة.

ومنه: تسمية المزادة الراوية، والنجو نفسه الغائط، ثم قال: وهو كثير (١).


(١) الخصائص ١/ ١٩، ٢٠

<<  <   >  >>