للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنت ترى أن ابن الأثير هنا قد عبر بالمجاز عن الكناية، لأنه يتابع ابن رشيق في عد كل من التشبيه والكناية في المجاز (١).

وقد نقل الخطيب ما قاله عبد القاهر عن مثل وغير نقلاً يكاد يكون حرفياً، ولكنه أشار إلى ذلك في مقدمة كتابه الإيضاح بقوله وعمدت إلى ما خلا عنه المختصر مما تضمنه مفتاح العلوم، وإلى ما خلا عنه المفتاح من كلام الشيخ الإمام عبد القاهر الجرجاني - رحمه الله تعالى - في كتابيه: "دلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة" وإلى ما تيسر النظر فيه من كلام غيرهما (٢).

[٣ - من صور الالتفات: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة]

وقد جاءت هذه الصورة على لسان ابن جنى، في باب خلع الأدلة، وهو يعني بالأدلة: أعلام المعاني في العربية، فالهمزة دليل الاستفهام. و (إن) دليل الشرط وهكذا؛ ويراد بالمعاني: المعاني التي تحدث في الكلام من خبر، واستخبار، ونحو ذلك.

وقد اتصل بما ذكره في هذا الباب موقف طريف، وهو: أن أصغر الناس قدراً قد يخاطب أكبر الملوك محلاً بالكاف من غير احتشام منه، ولا إنكار عليه، وذللق نحو قول التابع الصغير للسيد الخطير: قد خاطبت ذلك الرجل، واشتريت تينك الفرسين، ونظرت إلى ذينك الغلامين، فيخاطب الصاحب الأكبر، بالكاف، وليس الكلام شعراً، فتحتمل له جرأة الخطاب فيه، كقوله: لقينا بك الأسد، وسألنا منك البحر، وأنت السيد القادر، ونحو ذلك.

ويبين ابن جنى السر في جواز ذلك عنده بأنه إنما لم تخاطب الملوك


(١) العمدة ١/ ٢٦٨
(٢) الإيضاح ٣

<<  <   >  >>