للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظير ذلك: إصلاح الوعاء وتحصينه، وتزكيته، وتقديسه، وإنما المبغى بذلك منه الاحتياط للوعي عليه، وجواره بما يعطر بشره، ولا يعر جوهره.

كما قد نجد من المعاني الفاخرة السامية ما يهجنه، ويغض منه كدرة لفظه وسوء العبارة (١) عنه.

[٤ - إقامة الدليل على صحة التعبير ببعض الجمل من الناحية العقلية]

ومثال ذلك ما ذكره ابن جنى في باب المستحيل، وصحة قياس الفروع على الأصول، الذي أراد به - على حد تعبيره - تحصين المعاني، وتحرير الألفاظ، والتشجيع على مزاولة الأغراض.

وقد ذكر في هذا الباب: أنه من المحال: أن تنقض أول كلامك بآخره كقولك: (قمت غدا)، و (سأقوم أمس)، أما قولك: إن قمت غدا، قمت معك، ولم أقم أمس، وقولك: أعزك الله، وأطال بقاءك، فتأتي بلفظ الماضي، ومعناه الاستقبال: وقوله:

ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت: لا يعنيني

وقوله: (أوديت إن لم تحب حبو المعتنك) فقد بين قبه أن ما جاء بلفظ الماضي وكان من حقه أن يكون مضارعاً، فالسر فيه إرادة تحقق الوقوع وتتبيته، وأن ما جاء بلفظ المضارع، وكان من حقه أن يكون ماضياً، فالسر فيه إنما هو حكايه الحال الماضية، واستحضار الصورة السابقة (٢).


(١) الخصائص ٢/ ٣١٧.
(٢) الخصائص ٣/ ٣٣١.

<<  <   >  >>