للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يتضور أن يدخل المجاز للجملة من الطرفين جميعاً؛ كقول المتنبي:

وتحيي له مال الصوارم والفنا ... ويقتل ما تحيي التبسم والجدا

ثم فرق الإمام عبد القاهر بين المجاز العقلي، والمجاز اللغوي، بأنه إذا وقع في الإثبات فهو ملتقى العقل، فإذا عرض في المثبت فهو ملتقى من اللغة (١).

ولهذا، فإن ما وقع من المجاز في الإثبات جدير بأن يسمي مجاز عقلياً، لأنه مستقى من العقل، وما وقع من المجاز في المثبت جدير بأن يسمى مجازاً لغوياً، لأنه مستقى من اللغة.

[إسناد الفعل إلى مصدره]

من صور المجاز العقلي التي تعرض لها ابن جنى، في مواضع أخرى من كتابه: إسناد الفعل إلى مصدره، وذلك إذا وصف بالمصدر، مبالغة في كثرة الحدث، ويؤخذ من كلامه، أن المبالغة - هنا - تأتي من وجوه.

الأول: أن الوصف بالمصدر مفيد للوصف بجميع الجنس (٢)، فإذا قيل: رجل عدل، فكأنه وصفه بجميع الجنس مبالغة، كما تقول: استولى على الفضل، وحاز جميع الرياسة والنبل، ولم يترك لأحد نصيباً في الكرم والجود، ونحو ذلك، فوصف بالجنس أجمع تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً

الثاني: أن من وصف بالمصدر، فقد جعل موصوفه نفس الحدث (٣) وذلك كقلك: هذا رجل زور، وصوم


(١) أسرار البلاغة ٢٩٧
(٢) الخصائص ٢/ ٢٠٢
(٣) الخصائص ٣/ ١٨٩

<<  <   >  >>